والإرادات حركات النفس. ولم يرد بهذه الحركة حركة النقلة وإنّما الحركة عنده مبدأ
تغيّر ما ، كما قالت الفلاسفة من إثبات حركات في الكيف ، والكم ، والوضع ، والأين والمتى ... إلى أخواتها (ش ، م ١ ، ٥٥ ، ٦)
إرادة
ـ اختلفوا (المعتزلة) في الإرادة هل هي مختارة أم اختيار ليست بمختارة على مقالتين : فقال قوم : هي مختارة كما أنّها اختيار ، ولم يجيزوا أن تكون مرادة كما أنّها مختارة ، وقال قائلون : هي اختيار وليست بمختارة (ش ، ق ، ٤١٩ ، ١٢)
ـ مسألة الإرادة يمكن أن تلحق بمسألة خلق الأفعال من الوجه الذي لو ثبت خلقها ، والله مختار مريد لما يكون منه ، ثبت القول بالإرادة من الوجه الذي يوصف بالخلق ، وإن لم تثبت تبطل من الوجه الذي أريد بالإرادة في الأفعال دفع الغلبة والسهو ؛ إذ ذلك معنى حقيقة الإرادة في الشاهد ، إلّا أن يراد بالإرادة التمني أو الأمر والدعوى أو الرضا ونحو ذلك مما يجوز أن لا يوصف الله ببعض ذلك في كل شيء وينقض ذلك في شيء البتة (م ، ح ، ٢٨٦ ، ١٠)
ـ إنّ في إيجاب القول بالإرادة في كل شيء إيجاب القول بخلق الأفعال ، مع ما يمكن الاستدلال في هذا بأشياء ليست في الأول ، وإن كان في تحقيق الكلام في هذه تحقيق في الأولى. قال الله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) (الأنعام : ١٢٥) إلى قوله : (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) (الأنعام : ١٢٥) ، أخبر أنّه يريد هداية قوم بأفعالهم بهدايته ، وإضلال قوم بجعل قلوبهم ضيّقة حرجة. وقال عزوجل : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ) (الأنعام : ٣٩) ، ففرّق بين القوم بالمشيئتين ، فدلّت الآيات على / أنّ الله شاء لكل فريق بما علم أن يكون منهم ، ودلّ على أنّ المشيئة في هاتين الآيتين ليست أمر ولا رضا. وقال تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) (السجدة : ١٣) ، وقال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) (المائدة : ٤٨) ، وقال : (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) (الأنعام : ١٤٩) ، ولا يحتمل أن يكون هذه المشيئة رضا أو أمرا لما قد كانا ، ثبت أنّه أراد به المشيئة التي يكون عندها فعل لا محالة (م ، ح ، ٢٨٦ ، ١٦)
ـ على أنّ القول في الشاهد فيما في الحقيقة إرادة فهي التي تكون وبها الفعل لا محالة عندنا يكون معها ، وعند المعتزلة قبل الفعل بلا فصل ، وما عدا ذلك مما قد يكون الفعل إذا وجد ولا يكون فهو التمني المعروف ، والله يجلّ عن هذا الوصف ، ثبت أنّ إرادته على الوجه الأول ، وأنّه يتحقق الفعل على الوجه الذي أراد به (م ، ح ، ٣٠٥ ، ٨)
ـ إنّ المعتزلة زعمت أنّ الله تعالى كان ولا شيء غيره ، ثم حدثت الإرادة من غير أن كان من الله بحدوثها إرادة أو اختيار منه إليها معنى سوى أن كانت ، فكان بها جميع العالم ؛ إذ من قولهم : إنّ العالم فعل الله ، وإنّه كان باختيار ، وإنّ الاختيار إرادة كقوله : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (هود : ١٠٧) ، فسمّت المعتزلة تلك الحادثة إرادة ، والمجوس فكرة ، وهي واحدة ، بينهما اختلاف في الاسم لا الحقيقة (م ، ح ، ٣١٥ ، ٤)
ـ إنّ الإرادة هي اختيار الفعل ، وإنّما تكون متقدّمة على الفعل (م ، ح ، ٣٢١ ، ٣)
ـ اعلم أنّ المشيئة صفة الشائي والإرادة صفة