هذه الحالة لا يقع إلّا بحسب قصده وداعيه. فأمّا الوجه الثاني فهو أنّا نقول إنّ ما يقع فإنّه يقع عنه بحسب قدره ، يقلّ بقلّتها ويكثر بكثرتها ، فلولا أنّه فاعل له وإلّا لما وقف على قدره. أولا ترى أن فعل الغير لمّا لم يتعلّق به ولم يحتج إليه أصلا لم يقف على قدره ، وفعل الساهي لمّا وقف على قدره علم أنّه يقع من جهته ، متعلّق به ، محتاج إليه. إلّا أنّ الدلالة مبنية على أصول : أحدها أنّ المنتبه فاعل ، والثاني أنّه قادر ، والثالث أنّه قادر بقدرة ، والرابع أنّ القدرة يجوز عليها البقاء ، والخامس أن النوم ليس بمناف للقدرة ولا جار مجراه (ن ، د ، ٣١٤ ، ٢)
ـ إنّ الساهي والنائم محدث لتصرّفه ، وأنّه قادر على الضدّين ، ثم إنّ حاله مع كل واحد من الضدّين على سواء ؛ فيوجد أحدهما دون الآخر مع فقد الاختصاص (ن ، د ، ٤٠٠ ، ١٣)
ـ إنّ الساهي ليس بأكثر من أنّه غير عالم بالأمر الذي يصحّ أن يعلمه ، وغير ظان أو معتقد ، وغير شاك. كما قلنا أن كونه شاك يرجع إلى خروجه من أن يكون عالما بالشيء ، أو في حكم العالم به ، والطريقة في الموضعين واحدة (ن ، م ، ٣٤١ ، ١٥)
ساهي فاعل
ـ قد يمكنك أن تعرف أنّ الساهي فاعل بأن يراعي وقوع فعله بحسب قدرة ، وهذا في الدلالة على أنّه محدث وفاعل كالأوّل. ألا ترى أنّه لو لا حدوثه من جهته لحلّ محلّ فعل غيره الذي لا يقف على قدرة في الكثرة والقلّة (ق ، ت ١ ، ٣٦٠ ، ٢٢)
سبئية
ـ السبئيّة : أتباع عبد الله بن سبأ الذي غلا في علي رضي الله عنه وزعم أنّه كان نبيا ، ثم غلا فيه حتى زعم أنّه إله ، ودعا إلى ذلك قوما من غواة الكوفة (ب ، ف ، ٢٣٣ ، ٩)
سبب
ـ قال صاحب الكتاب (ابن الروندي) : وكان يزعم (بشر بن المعتمر) أنّ الإنسان يقدر على فعل الألوان والطعوم والأراييح والحرّ والبرد واليبس والبلّة واللين والخشونة وجميع هيئات الأجسام. وقد كذب وقال الباطل : ليس يقول بشر بما حكاه عنه من فعل هيئات الأجسام. ما يستحيل عند بشر أن يقع من فعل غير الله ، وإنما زعم بشر أنّ ما كان من الألوان يقع بسبب من قبله فهو فعله ، فأمّا ما لا يقع بسبب من قبله فذلك لله ليس له فعل فيه (خ ، ن ، ٥٢ ، ٥)
ـ السبب مع المسبّب لا يجوز أن يتقدّمه (ش ، ق ، ٤١٢ ، ٨)
ـ السبب الذي يتولّد عنه المسبّب لا يكون إلّا قبله (ش ، ق ، ٤١٢ ، ٩)
ـ من الأسباب ما يكون مع مسبّباتها المتولّدة عنها ومنها ما يتقدّم المسبّبات بوقت ، فأمّا ما كان قبل المسبّب بوقتين فليس ذلك المسبّب متولّدا عنه ، وجوّز بعضهم أن يتقدّم السبب المسبّب أكثر من وقت واحد (ش ، ق ، ٤١٢ ، ١٢)
ـ قال" الجبّائي" : السبب لا يجوز أن يكون موجبا للمسبّب ، وليس الموجب للشيء إلّا من فعله وأوجده (ش ، ق ، ٤١٣ ، ١)
ـ كان (الأشعري) يطلق كثيرا في مواضع من كتبه أنّ الاستطاعة سبب للكسب ، وأنّ السبب لا