عن سعره في البلاد الحارّة لا يعدّ رخصا. فلا بدّ إذا من اعتبار الوقت والمكان على الوجه الذي ذكرناه (ق ، غ ١١ ، ٥٥ ، ١٦)
رزق
ـ كان (الأشعري) يقول إنّ الرزق يجري مجرى الخلق في أنّه لا يصحّ أن يوصف به البارئ تعالى في الأزل ، وإن وصفنا لله تعالى بأنّه رازق وللخالق بأنّه خالق هو وصف مشتقّ من الخلق والرزق ، وإنّه لا يصحّ أن يقال إنّ الله تعالى لم يزل خالقا رازقا لاستحالة وجود ما منه يشتقّ هذان الوصفان في الأزل الخلق والرزق (أ ، م ، ١٣٧ ، ٣)
ـ إنّ معنى الرزق فعل واقع على وجه مخصوص ، وهو أن يكون ممّا يتغذّى به الحيوان أو ينتفع به من دفع حرّ أو برد وأذى وضرر واستجلاب منفعة وتمكين من ذلك. هذا هو معنى وصفنا بأنّه رزق على الإطلاق. ثمّ معنى وصفنا له بذلك على التقييد بإضافة ونسبة مخصوصة إلى غيره فإنّما يفيد أنّ ذلك الغير الذي أضيف إليه بأنّه رزقه تغذّى به أو انتفع به أو تمكّن به من اجتلاب منفعة أو دفع مضرّة (أ ، م ، ١٣٧ ، ٧)
ـ كان (الأشعري) يقول : " لو كان معنى الرزق هو التمليك ، ومعنى التمليك التمكين والإقدار على ما مكّن منه ، لكان قد ملّك الكافرين الكفر ورزقهم من حيث مكّنهم منه وأقدرهم عليه ، والمخالفون فيه يأبون ذلك" (أ ، م ، ١٣٨ ، ٤)
ـ اعلم أنّ الرزق هو ما ينتفع به وليس للغير المنع منه ، ولذلك لم يفترق الحال بين أن يكون المرزوق بهيمة أو آدميا. وهو ينقسم إلى ما يكون رزقا على الإطلاق وذلك نحو الكلاء والماء وما يجري مجراهما ، وإلى ما يكون رزقا على التعيين وذلك نحو الأشياء المملوكة (ق ، ش ، ٧٨٤ ، ١٤)
ـ اعلم أنّ الرزق قد يصحّ أن يكون رزقا للمرزوق على جهة الإطلاق من دون إضافة وتعيين ، وقد يصحّ أن يضاف إليه على جهة التعيين. فالأوّل هو الأشياء التي خلقها الله تعالى مما يصحّ الانتفاع بها ولم يكن فيها ما يحظرها فيقال فيها إنّها أرزاق العباد. وهذا ظاهر فيما كان على أصل الإباحة. وربّما دخل فيه ما هو مملوك أيضا فيقال إنّ هذه النعم التي خلقها الله عزوجل من الثمار ونحوها هي أرزاق العباد. ويراد بذلك أنّه يصحّ منهم الانتفاع بها ، وأنّ الله تعالى إنّما خلقها لهذا الوجه (ق ، ت ٢ ، ٤١٩ ، ٢)
ـ أمّا إذا قيّد وعيّن فقيل في الشيء إنّه رزق لهذا الواحد فالغرض به أن يكون هو بالانتفاع أحقّ به من غيره حتى لا يكون لأحد أن يمنعه منه. ثم ينقسم ما هذا سبيله. فربّما صحّ أن تدخله طريقة الملك وربّما لم يصحّ. ألا ترى أنه قد يوصف الحيّ منا بأنّ الله عزوجل قد رزقه صحّة وعقلا أو ولدا وما أشبه ذلك فيكون ما هذا سبيله رزقا له ، ولا يقال : هو ملك له؟ وعلى ذلك صحّ أن تكون البهائم مرزوقة بالماء والكلأ وما يجري مجراهما ، ولا يقال إنّها مالكة لهذه الأشياء. وعلى ذلك يصحّ أن يوصف الله تعالى بالملك ويستحيل الرزق عليه (ق ، ت ٢ ، ٤١٩ ، ٨)
ـ أمّا حقيقة الرزق إذا قيّد وأضيف إلى معيّن فما بيّناه. فإن أطلق إطلاقا فيجب أن يكون المراد ما ذكرناه من الأمور التي خلقت للانتفاع بها ، وإن لم يكن البعض بذلك أحقّ من البعض إلّا عند سبب حادث. وعلى ذلك تجري حال