ـ إنّ الإدراك خلق الله تعالى وليس بكسب للمدرك. وكان ينكر قول من يقول إنّ الله تعالى خالق الإدراك بطبع الجسم وبجبلّة الحيوان (أ ، م ، ٢٦٣ ، ٧)
ـ إنّ الإدراك إذا أطلق يحتمل معاني كثيرة. فقد يذكر ويراد به البلوغ ، يقال : أدرك الغلام أي بلغ الحلم ؛ وقد يذكر ويراد به النضج والإيناع ، يقال : أدرك الثمر إذا أينع ؛ فأما إذا قيّد بالبصر فلا يحتمل إلّا الرؤية على ما ذكرناه ، وصار الحال فيه كالحال في السكون فإنّه إذا قرن بالنفس لا يحتمل إلّا بالعلم ، وإن احتمل بإطلاقه شيئا آخر (ق ، ش ، ٢٣٤ ، ٣)
ـ اعلم أنّ الإدراك لا يتعلّق بالشيء إلّا على ما هو به ، ولذلك صار طريقا للعلم ، ولو لا أنّ ذلك حاله لم يصحّ كونه طريقا له ، كما لا يصحّ لكون ما ليس بدليل طريقا للعلم كالدليل. ولذلك قلنا إنّ الخبر الصدق يصحّ أن يكون طريقا للعلم ، وأنّ الكذب لا يصحّ ذلك فيه (ق ، غ ٤ ، ٧٠ ، ٣)
ـ إنّ الإدراك يتعلّق بالشيء على ما يختصّ به من الصفات لما هو عليه في ذاته (ق ، غ ٤ ، ٨٨ ، ١٦)
ـ إنّ الإدراك إذا قرن بالبصر أفاد ما تفيده رؤية البصر ، وإن كان إذا أطلق فقد يستعمل بمعنى اللحوق ، فيقال : أدرك الغلام إذا بلغ ، وأدركت الثمرة إذا نضجت ، وأدرك فلان فلانا إذا لحقه (ق ، غ ٤ ، ١٤٥ ، ١)
ـ أمّا وصف العلم بأنّه عقل ، فقد بيّنا أنّ الغرض به التشبيه لعقل الناقة من وجهين. وأصل استعماله فيه مجاز ، فلذلك لم يستعمل في جميع العلوم ؛ وكذلك وصف العلم بأنّه إحاطة وإدراك. لأنّ الإنسان وإن كان يقول : أدركت معنى كلامك ، بمعنى علمته وأحطت علما بما ذكرته ؛ فذلك توسّع ، لأنّ حقيقة الإدراك ترجع إلى ما يختصّ به الحي مما يجوز على الساهي والعالم ، والإحاطة تختصّ الأجسام التي يصحّ فيها أن تحتوي على غيرها (ق ، غ ١٢ ، ١٧ ، ٤)
ـ إنّ الإدراك ليس من العلم بسبيل ، والعقل يستعمل في بعض الأشياء دون بعض. وقد يحصل العلم في قلب غير العاقل ، ولا يوصف بالعقل. والعقل ، محال أن يدرك الأشياء لأنّه عرض ، والمدرك منّا من حقّه أن يكون جسما حيّا. ولا يصحّ أن يدرك به أيضا ، كما يدرك بالحواس (ق ، غ ١٢ ، ٢١ ، ١٧)
ـ إنّ الإدراك طريق العلم ، إذا كان المدرك عاقلا ، واللبس عن المدرك زائلا. وبيّنا أنّ الإدراك ليس يمتنع ، فيقال : إنّه يولّد العلم ، وأنّه لا يجوز كونه متولّدا عن صحّة العين ، وتقليب الجفن ، وغيره. وأنّ العلم الحاصل للمدرك ، يجب أن يكون من فعله ، تعالى ، ابتداء ؛ وإن كان يفعله ، تعالى ، متى حصل المدرك مدركا (ق ، غ ١٢ ، ٥٩ ، ٣)
ـ قد بيّن شيخنا أبو هاشم ، رحمهالله ، في البغداديّات وغيرها ، الكلام في أنّ الإدراك طريق العلم ، والغرض بهذا القول ، وأنّه لا يريد به أنّه يوجب العلم ، أو يصحّح وجوده ؛ وإنّما يريد به أنّ العلم يقوى عليه ، وأنّه لا يجوز ، عنده ، السهو عن المدرك ، مع السلامة ؛ وأنّ انتفاء العلم ، يوجب تناقض حاله. وبيّن أنّه لا يمكن أن يقال : إنّ الحاسّة طريق للإدراك ، فيتوصّل بذلك إلى إثبات معنى له صار مدركا ، وإن وجب كونه مدركا ، ولم يجز خلافه (ق ، غ ١٢ ، ٦٠ ، ٥)
ـ إنّ المدرك يعلم الشيء على الوجه الذي أدركه