ـ إنّ الإدراك المقرون بالبصر هو الرؤية لا محالة ، كما أنّ النظر المقرون بذكر" إلى" مضافا إلى الوجه هو الرؤية بالعين لا محالة (أ ، م ، ٢٦٣ ، ٢٣)
ـ نقول : إنّ الشيء إنّما يرى لما هو عليه في ذاته ، وهم يقولون إنّما يرى لوجوده ، والقديم تعالى حاصل على كل واحدة من هاتين الصفتين ، فإذا لا شكّ أنّه تعالى حاصل على الصفة التي لو رئي لما رئي إلّا لكونه عليها ، فلا خلاف في إنّه حاصل على الصفة التي رئي لما رئي إلّا لكونه عليها ، ولا تتجدّد له صفة في الآخرة يرى عليها (ق ، ش ، ٢٥٤ ، ٨)
ـ إنّ الواحد منّا لا يصحّ أن يرى الشيء إلّا بعينه إذا كانت صحيحة ، ومتى فقدناها أو لحقها فساد لا يصحّ أن نرى المرئيّات. وكذلك حاله في سائر الحواس ، فيجب أن يحتاج في رؤيته لما يراه إلى حاسّة ، وأن يستحيل أن يرى الشيء دونها. وإنّما صحّ في القديم تعالى أن يرى الأشياء وإن تعالى عن جواز الحواس عليه ، لأنّه حيّ لذاته ، فكما استغنى في كونه حيّا عن الحياة ومحلّها ، فكذلك يستغني عن التوصّل بمحل الحياة إلى إدراك المرئيّات. وليس كذلك حال الواحد منّا لأنّه حيّ بحياة تحلّ في بعضه ، فيحتاج في إدارك المدركات إلى استعمال محل الحياة في إدراكها ، فيصير آلة له ، ويختلف حالها بحسب ما هي آلة فيه من إدراك المدركات كما نقوله في حاجته إلى الآلات في بعض الأفعال من حيث كان قادرا بقدرة ، وإن استغنى جلّ وعزّ عنها في الأفعال لكونه قادرا لنفسه (ق ، غ ٤ ، ٣٦ ، ٤)
ـ إنّ الرؤية لو كانت معنى لاحتاجت في وجودها إلى صحّة الحاسّة ، ومتى ثبتت حاجتها إليها لم يصحّ القول بأنّها تولّده ، لأنّه لا سبيل إلى العلم بأنّها تولّده والحال ما قلناه. ومما يدلّ على ذلك أنّه لو كان رائيا بدونه لوجب صحّة وجود الرؤية في عينه والمرئي غائب كصحّة ذلك إذا كان حاضرا ، لأنّ المحل محتمل للرؤية في كلا الحالين ، وفي استحالة ذلك دلالة على صحّة ما قلناه (ق ، غ ٤ ، ٥١ ، ١٩)
ـ الرؤية في الحقيقة واقعة بالعين ، وإن كان يحتاج في ذلك إلى واسطة تارة ، واستغنائها عنها أخرى (ق ، غ ٤ ، ٦٥ ، ١٩)
ـ إنّ ما يمنع من الرؤية لا بدّ من كونه معقولا حتى يصحّ القول بأنّا لا نرى المرئيّات لأجلها ، كما أنّ الموانع عن الفعل لا بدّ من أن تكون معقولة. وقد علمنا أنّ الموانع المعقولة عن رؤية المرئيّات هي القرب المفرط والبعد المفرط والحجاب واللطافة والرقّة ، وأن يكون المرئيّ في غير جهة محاذاة الرائي ، أو يكون حالّا فيما هذا سبيله ، فما كان صفته ما ذكرناه امتنع رؤيته ، وما خلا من ذلك وهو مرئيّ في نفسه فيجب أن نراه. هذا إذا كان الرائي يرى المرئيّ بالحاسّة فقط ، فأمّا إذا رأى بالمرآة فإنّ كونه في غير جهة محاذاته لا يكون مانعا ، لأنّه يصحّ أن يرى وجهه في المرآة ، ولون وجهه ، وما خلفه ، وما عن يمينه ويساره ، لأنّ المرآة قد صارت في الحكم كأنّها عينه ، فما قابلها فيجب أن يكون بمنزلة ما قابل عينه في أنّه يراه ، فلذلك اختلف حال ما يراه بالمرآة لما يراه بحاسّة من غير واسطة ، وهذا لا يمتنع في المرئيّات كما لا يمتنع في الفعل (ق ، غ ٤ ، ١١٦ ، ٣)
ـ استدلّ أبو هاشم رحمهالله على أنّه جلّ وعزّ لا يرى بأنّه لو رئي لوجب أن يرى على أخصّ