متساوي النسبة إلى الطرفين عند عدم اعتبار الدّاعي ، وغير متساويها عند اعتبار أحدهما. ومتقدّموهم جوّزوا صدور أحد الطرفين من المختار من غير ترجّح أحدهما على الآخر ، وأوردوا أمثلة الجائع والعطشان والهارب إذا حضرهم رغيفان متساويان ، وقدحان متساويان ، وطريقان متساويان ، فإنّهم يختارون أحدهما من غير ترجّح. والذين لا يجوّزون ذلك يقولون : الرجحان شيء ، والعلم بالرجحان شيء ، ولعلّه يختار أحدهما لوجود الرجحان ، وإن لم يفطن بالرجحان. ومتأخّروهم قالوا بوجوب الرجحان. وقال بعضهم بأنّ الطرف الراجح يكون أولى ولا ينتهي إلى حدّ الوجوب ، وهو اختيار محمود الملاحميّ. وأنكر بعضهم كون الأولويّة كافية ، لمثل ما مرّ في خواص الممكن. وأبو الحسين وأصحابه قالوا : عند الداعي يجب الفعل ، وعند عدمه يمتنع. وذلك لا ينافي الاختيار ، فإنّ تفسير الاختيار هو أن يكون الفعل والترك بالقياس إلى القدرة متساويين ، وبالقياس إلى الداعي وعدمه إمّا واجبا أو ممتنعا. ومن عدم التمييز بين الأمرين في هذه المسألة يحدث الاختلاف الجاري بين القائلين بالإيجاب والاختيار (ط ، م ، ١٦٤ ، ١٢)
ـ الاختيار عند أبي الحسن هو الإرادة. واختار له : أي فعل به خيرا. والمشيّة هي الإرادة (ط ، م ، ١٦٩ ، ١٦)
ـ استناد الكلّ إلى قضاء الله تعالى وقدره ، إمّا أن يكون بلا توسّط في إيجاد الشيء ، أو يكون بتوسّط. والأوّل لا يقتضيه انتهاء الإرادات إلى إرادته ، والثاني لا يناقض القول بالاختيار ، فإنّ الاختيار هو الإيجاد بتوسّط قدرة وإرادة ، سواء كانت تلك القدرة والإرادة من فعل الله بلا توسّط شيء آخر. فإذن ، من قضاء الله تعالى وقدره وقوع بعض الأفعال ، تابعا لاختيار فاعله ، ولا يندفع هذا إلّا بإقامة البرهان على أنّه لا مؤثّر إلّا الله تعالى (ط ، م ، ١٧٠ ، ٨)
ـ إنّ معنى الاختيار هو استواء الطرفين بالقياس إلى القدرة وحدها ووقوع الطرف الذي يتعلّق به الداعي (ط ، م ، ٢٧٥ ، ١٩)
ـ إذا فرضنا وقوع الفعل من المختار كان وجوب الفعل من جهة فرض الوقوع لا ينافي الاختيار (ط ، م ، ٢٧٥ ، ٢١)
ـ إنّهم يقولون (المعتزلة) : معنى الاختيار هو استواء الطرفين بالنسبة إلى القدرة وحدها ووجوب وقوع أحدهما بحسب الإرادة. فمتى حصل المرجّح وهو الإرادة وجب الفعل ، ومتى لم يحصل امتنع. وذلك غير مناف لاستواء الطرفين بالقياس إلى القدرة وحدها (ط ، م ، ٣٢٦ ، ١٠)
ـ إنّه حال الفعل إن امتنع الترك ، فلا اختيار ؛ وإلّا ، فلا بدّ من مرجّح ، وليس من فعله ، وإلّا عاد البحث ؛ فإن وجب معه فذاك ، وإلّا افتقر إلى مخصّص وقت الفعل (خ ، ل ، ١١١ ، ٢)
اختيار الإرادة
ـ أيضا أنّ شرط كل من فعله اختيار الإرادة ، وكل من فعله الاضطرار أنّه غير مريد لذلك ، فلو كان الله لفعل العبد غير مريد ليكون على ما كان ، يكون مضطرا ؛ ولذلك لا يجوز أن يكون لأحد في فعل غيره إرادة ؛ لما لا يحتمل خروجه على ما يريد ، وسموا ذلك تمنيا ، فعلى ذلك لو توهّم كون شيء لم يرده الله كانت إرادته تخرج مخرج التمني (م ، ح ، ٢٩٣ ، ٤)