وإنّما صار الخير خيرا لأمر به ، فلا بدّ من نعم ، فإذا كان هذا فقد ثبت أنّ من لا مبدع ولا مدبّر له ولا آمر فوقه لا يكون شيء من فعله شرّا ، إذ السبب في كون الشرّ شرّا هو الإخبار بأنّه شر ، ولا مخبر يلزم طاعته إلّا الله تعالى (ح ، ف ١ ، ٣٨ ، ١٩)
ـ الخير والشرّ عندهم (المعتزلة) من أفعال العباد ، واقعان بقدرة العباد ، خارجان عن مقدور الله تعالى ، فهما واقعان من العبد عندهم (ج ، ش ، ٢٢٢ ، ١١)
ـ الخير والشرّ إمّا أمران إضافيّان بأن يكون شيء خيرا بالإضافة إلى شيء ، شرّا بالإضافة إلى شيء ، وإمّا أمران شرعيّان فيرجع الحسن والقبح والخير والشرّ فيه إلى قول الشارع افعل لا تفعل (ش ، ن ، ٩٨ ، ١٧)
ـ إن قلت كيف يكون فاعل الخير خيرا من الخير ، وفاعل الشرّ شرّا من الشرّ ، مع أنّ فاعل الخير إنّما كان ممدوحا لأجل الخير وفاعل الشرّ إنّما كان مذموما لأجل الشرّ ، فإذا كان الخير والشرّ هما سببا المدح والذمّ وهما الأصل في ذلك فكيف يكون فاعلاهما خيرا وشرّا منهما. قلت لأنّ الخير والشرّ ليسا عبارة عن ذات حيّة قادرة وإنّما هما فعلان أو فعل وعدم فعل ، أو عدمان ، فلو قطع النظر عن الذات الحيّة القادرة التي يصدران عنها لما انتفع أحد بها ولا استضرّ ، فالنفع والضرر إنّما حصلا من الحيّ الموصوف بهما لا منهما على انفرادهما ، فلذلك كان فاعل الخير خيرا من الخير وفاعل الشرّ شرّا من الشرّ (أ ، ش ٤ ، ٢٥٧ ، ١٧)
خيرة
ـ الخيرة من التخيّر كالطيرة من التطيّر تستعمل بمعنى المصدر وهو التخيّر ، وبمعنى المتخيّر كقولهم محمد خيرة الله من خلقه (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) (القصص : ٦٨) بيان لقوله ويختار لأنّ معناه : ويختار ما يشاء ، ولهذا لم يدخل العاطف ، والمعنى : أنّ الخيرة لله تعالى في أفعاله وهو أعلى بوجوه الحكمة فيها ليس لأحد من خلقه أن يختار عليه. قيل السبب فيه قول الوليد بن المغيرة ـ لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظم ـ يعني لا يبعث الله الرسل باختيار المرس إليهم. وقيل معناه : ويختار الذي لهم فيه الخيرة : أي يختار للعباد ما هو خير لهم وأصلح وهو أعلم بمصالحهم من أنفسهم من قولهم في الأمرين ليس فيهما خيرة لمختار (ز ، ك ٣ ، ١٨٨ ، ٢٥)