ويحرّك به دواعيه على الاستدلال عليه بتخويفه وترهيبه ، والخاطر الثاني من قبل الشيطان يصدّه به طاعة الخاطر الأول (ب ، أ ، ٢٧ ، ١٠)
ـ أوجبت القدريّة الاستدلال والنظر من طريق العقل قبل الشرع من جهة الخواطر ، وزعموا أنّ قلب العاقل لا يخلو من خاطرين أحدهما من قبل الله تعالى يدعوه به إلى معرفته والاستدلال عليه. والثاني من قبل الشيطان الداعي له إلى الكفر. وزعموا أنّ التكليف يتوجّه عليه بهذين الخاطرين (ب ، أ ، ٢٠٣ ، ١٤)
ـ قيل : أبو هاشم أثبت كلاما في النفس سمّاه بالخواطر ، وزعم أنّ ذا الخواطر يسمعها ويدركها (ط ، م ، ١٧٠ ، ٢٣)
خوف
ـ إنّ الخوف قد يحصل مع العلم بالمضرّة ومع الظنّ بها ، وأنّه في الوجهين جميعا يلزمه التحرّز ، فإنّ ذلك يجري مجرى كمال العقل. لأنّ العلم بأنّه يلزمه التحرّز من المضارّ المظنونة ، كالعلم بوجوب التحرّز من المضارّ المعلومة. وقد بيّنا أنّ الأكثر فيما نعلم وجوب التحرّز منه ، يجري على طريقة الظنّ. لأنّ أحدنا لا يعلم أنّ الأمور المستقبلة تقع لا محالة. فإذا صحّ ذلك ، ثم ورد الخاطر على المكلّف بالتخويف من ترك النظر على ما يريبه ، وحصل خائفا منه ، لزمه النظر. وإن لم يعلم في الحقيقة بالعقاب ، فقد حصل هناك ما ينوب مناب العلم بالعقاب في إيجاب الخوف من ترك النظر ، ويلزمه التحرّز من تركه بفعله (ق ، غ ١٢ ، ٢٩١ ، ٣)
خير
ـ إنّ الخير والشر بقضاء الله وقدره. وأنّا نؤمن بقضاء الله وقدره ، خيره وشرّه ، حلوه ومرّه. ونعلم أن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا ، وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا ، وأنّ العباد لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله كما قال عزوجل : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (الأعراف : ١٨٨). وأنّا نلجأ في أمورنا إلى الله ، ونثبت الحاجة والفقر في كل وقت إليه (ش ، ب ، ٢١ ، ٤)
ـ كان (الأشعري) يقول إنّ الشيء من الشيء على وجوه ، أحدها أن يكون بمعنى أنّه جزؤه ، كقولك" الواحد من العشرة" و" اليد من الإنسان" و" الثمرة من الشجرة". وقد يكون الشيء منه على معنى أنّه أحدثه ، كما قال عزوجل (جَمِيعاً مِنْهُ) (الجاثية : ١٣) أي" إحداثا". وقد يقال أيضا الشيء منه على معنى أنّه دعا إليه وحثّ عليه ورغّب فيه وأعان عليه ، كقولك" هذا أراه من فلان" على معنى أنّه هو الذي حثّ عليه ودعا إليه. وعلى هذا كان يقسّم سؤال السائل إذا قال" هل تقولون إنّ الشرّ من الله تعالى؟ " فيقول : " إن أردتم أنّه منه خلقا وأحداثا على معنى أنّه خلقه شرّا لغيره وصار الغير به شريرا فنعم ، كما يجعل الضرر ضررا لغيره ويكون غيره المضرور به فيكون هو الضارّ به والمضرّ ، كما قال المسلمون" لنا ربّ يضرّ وينفع". وإن أردتم معنى الأمر به والدعاء إليه فلا". وكذلك القول في الخير والإيمان وشكر النعمة إنّه من الله تعالى على هذين الوجهين بأنّه أمر به وأحدثه وأعان فيه (أ ، م ، ٩٧ ، ١٥)
ـ إنّما صار الشرّ شرّا لنهي الواحد الأوّل عنه ،