ـ الخبر لا يخلو من أن يكون صدقا أو كذبا ، والصدق منه ما وافق مخبره ، والكذب منه ما كان خلاف مخبره. ولا يجوز أن يكون خبر واحد صدقا وكذبا إلّا في مسئلة واحدة وهي رجل لم يكذب قط (ثم) قال إنّي كاذب ، فإنّ هذا الخبر كذب منه ، وهو به كاذب وصادق من حيث أنّ الكاذب إذا أخبر عن نفسه بأنّه كاذب كان صادقا (ب ، أ ، ٢١٧ ، ٢)
ـ زعم المتأخّرون من القدريّة أنّ خبر النائم لا يكون صدقا ولا كذبا لأنّه خال عن قصده (ب ، أ ، ٢١٧ ، ١٤)
ـ أمّا الخبر فهو ما يصحّ فيه التصديق والتكذيب ، وهذا أولى من أن نقول : ما يدخله الصدق والكذب ، لأنّهما خبران والشيء لا يحدّ بنفسه (أ ، ت ، ٣٨٤ ، ٨)
ـ ينقسم الخبر الذي له مخبر إلى قسمين : أحدهما أن يكون صدقا وهو الذي مخبره على ما تناوله. والثاني أن يكون كذبا وهو الذي لا يكون مخبره على ما تناوله (أ ، ت ، ٣٨٤ ، ١٢)
ـ إن قيل : اذكروا حقيقة الخبر أولا ، ثمّ فصّلوه. قلنا : الخبر ما يوصف بالصدق أو الكذب ، وهذا يميّزه ممّا عداه من الكلام ، ويميّزه عن أقسام الكلام أيضا. فإنّ الأمر ، والنهي ، والتلهّف ، والاستخبار ونحوها ، لا يوصف شيء منها بالصدق ولا بالكذب (ج ، ش ، ٣٤٧ ، ٣)
ـ كل خبر لم يبلغ مبلغ التواتر فلا يفيد علما بنفسه ، إلّا أن يقترن به ما يوجب تصديقه مثل أن يوافق دليلا عقليا ، أو تؤيّده معجزة ، أو قول مؤيّد بمعجزة تصدّقه. وكذلك إذا تلقّت الأمّة خبرا بالقبول ، وأجمعوا على صدقه ، فنعلم صدقه. فإن فقد ما ذكرناه ، ولم يكن الخبر متواترا ، فهو المسمّى ، خبر الواحد في اصطلاح المتكلّمين ؛ وإن نقله جمع (ج ، ش ، ٣٥١ ، ٤)
ـ أمّا الخبر ، فلفظ يدلّ على علم في نفس المخبر ، فمن علم الشيء وعرف باللفظ الموضوع للدلالة على ذلك الشيء ، كالضرب مثلا فإنّه معنى معلوم يدرك بالحسّ ، ولفظ الضرب الذي هو مؤلّف من الضادّ والراء والباء الذي وضعته العرب للدلالة على المعنى المحسوس وهي معرفة أخرى ، فكان له قدرة على اكتساب هذه الأصوات بلسانه وكانت له إرادة للدلالة ، وإرادة لاكتساب اللفظ ؛ ثم منه قوله ضرب ولم يفتقر إلى أمر زائد على هذه الأمور. فكل أمر قدّرتموه سوى هذا ، فنحن نقدّر نفيه ، ويتمّ مع ذلك قوله ضرب ويكون خبرا ، وكلاما (غ ، ق ، ١١٨ ، ٣)
ـ إنّ ما ذكروه من أقسام الكلام ، وهي الخبر والاستخبار والأمر والنهي والوعد والوعيد ، أمكن أن تردّ إلى قسمين ؛ وهما الطلب والخبر ؛ فإنّ الوعيد والوعد داخلان في الخبر ، لكن تعلّق بأحدهما ثواب فسمّي وعدا ، وتعلّق بالآخر عقاب فسمّي وعيدا. وأما الأمر والنهي فداخلان تحت الطلب والاقتضاء ، لكن إن تعلّق بالفعل سمّي أمرا ، وإن تعلّق بالترك سمّي نهيا. وأمّا الاستخبار ـ على الحقيقة ـ فغير متصوّر في حق الله ـ تعالى ـ بل حاصله يرجع إلى التقرير وهو نوع من الإخبار ، وذلك كما في قوله ـ تعالى ـ (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (الأعراف : ١٧٢). وكما أمكن ردّ هذه الأقسام إلى قسمين ، أمكن ردّها إلى قسم واحد ، في حق الله ـ تعالى ـ ، حتى يكون على ما ذكرناه ، بأن يكون معنى واحدا