الكذب لا يجوز
عليه ، ولا يختاره ، نحو خبر الكتاب والسنّة. والثاني : أن يقترن به تصديق من نعلم
أنّه لا يجوز الكذب عليه. فلاستناده إلى خبر من لا يجوز أن يكذب نعلم أنّه صدق ،
ونحو خبر الأمة لو خبّر من أخبر ، صلّى الله عليه ، أنّه لا يكذب. ولا فرق بين أن
يقع منه التصديق بالقول أو يحصل منه ما يجري مجرى التصديق .... والقسم الثالث : أن
تقترن بالخبر حال لو كان كذبا لم تقترن به ، ولوقع على خلاف ذلك الوجه. فيجب أن
نعلم أنّه صدق (لأنّه ، إذا كان مقصودا إليه ـ وعلمنا أنّه لو كان كذبا لما كانت
الحال هذه ـ فلا بدّ من أن نعلم أنّه صدق) (ق ، غ ١٥ ، ٣٣٨ ، ٢)
ـ إذا ثبت أنّا لا
نجعل الخبر حجّة ولا دلالة ، لكنّا نقول إنّ العلم الضروريّ يقع عنده بالعادة ،
فغير ممتنع أن يقع ، وإن لم تعلم من قبل ، (حال الخبر) وحال المخبرين. ولذلك لا
يمتنع وقوع ذلك عنده ، وإن جوّزنا ألّا يقع عند خبر مثلهم في العدد (ق ، غ ١٥ ،
٣٤٥ ، ٣)
ـ إنّما قوي (الخبر)
العلم لأنّه قد صار ، بالعادة ، طريقا له ، وتكرّر ذلك فيه ، وصار مبنيّا على
الإدراك ، فقوي العلم لأجله ، كما يقوّى العلم بالمدرك بعد تقصّي الإدراك ، لكونه
مبنيّا على الإدراك ، وقد يقوى العلم بالنظر إذا تكرّر منه في أدلّة الشيء ، لمّا
كان لكل واحد منه مدخل في إيجاب العلم. فكذلك ، لمّا كان كل واحد من الخبر ، لو
تأخّر لاقتضى العلم ، لم يمتنع أن يقوّى به العلم. وكل ذلك لا يوجب أنّه طريق
للعلم ، كما قلناه في الإدراك (ق ، غ ١٥ ، ٣٧٦ ، ٣)
ـ إنّ الخبر هو
الذي يتعلّق بالمخبر على وجه يجوز أن يكون طريقا له (ق ، غ ١٥ ، ٤٠٢ ، ١١)
ـ إنّ الخبر يحصل
له عند وجوده وجوه في تعلّقه بما يتعلّق به ، فكما لو كان خبرا عن الشيء الواحد لم
يحتج إلى قصد واحد ، فكذلك إذا كان خبرا عن أشياء كثيرة ، لأنّه في الحالتين القصد
يتناول نفس الخبر ، ويقع به على بعض الوجوه ، ولذلك يصحّ من المخبر أن يخبر عمّا
لا نهاية له ، كما (لا) يصحّ أن يخبر عن المتناهي (ق ، غ ١٧ ، ١٨ ، ١٩)
ـ إنّ الخبر عن
شيخنا" أبي علي" رحمهالله ، يفتقر إلى إرادتين لا بدّ منهما ، والأمر إلى ثلاث
إرادات : إحداهما في الخبر إرادة إحداثه ؛ والأخرى إرادة الإخبار به عمّا هو خبر
عنه. وإحداها في الأمر إرادة إحداثه ؛ والثانية إرادة إحداثه أمرا لمن هو أمر له ،
والثالثة إرادة المأمور به. وعند شيخنا" أبي هاشم" رحمهالله ، إرادة إحداثه خبرا عمّا هو خبر عنه تغني عن إرادة إحداثه
، فالذي لا بدّ منه في كونه خبرا هو هذه الإرادة ، وكذلك يقول في الأمر إنّ إرادة
إحداثه أمرا لمن هو أمر له تغني عن إرادة إحداثه فيكفي في كونه أمرا هذه الإرادة ،
وإرادة المأمور به فقط (ق ، غ ١٧ ، ٢٢ ، ٥)
ـ الخبر الذي لا
يتضمّن طريقة التكليف لا بدّ من أن يعود على التكليف بضرب من ضروب المصلحة ، نحو
إخباره عن إهلاك من أهلك من عاد وثمود وغيرهما ، وإخباره عمّا لحق الأنبياء عليهمالسلام ، وغير ذلك ، لأنّه لا بدّ في ذلك من أن يكون صلاحا في
تكليف من تعبّده بقراءة القرآن وتأمّله (ق ، غ ١٧ ، ٢٣ ، ١٣)
ـ أمّا الخبر الذي
يجري مجرى التكليف فهو الخبر عن وجوب العبادات ، لأنّه يحل محل