إلى علّة ، لأنّا إن قلنا لكوننا قادرين بقدر تعذّر ذلك اقتضى تعذّر الابتداء علينا أصلا ، وقد عرف خلافه. والقديم تعالى لا بدّ من قدرته على هذه الأجناس ابتداء كما قد قدر على إيجادها بأسباب لو لا ذلك لصار محتاجا إلى السبب كحاجتنا ، ولا يمكن أن يقال إن المسبّب يحتاج في وجوده إلى هذه الأسباب ، لأنّه لو كانت الحاجة راجعة إلى عين الفعل حتى يجري مجرى الحاجة إلى محلّ ، لكان كما يتعذّر وجوده عند عدم المحل بتعذّر وجوده عند عدم سببه. وقد يصحّ وجود المسبّب مع عدم السبب ، وعلى أن الحاجة الراجعة إلى الفاعل لا تتعيّن بفعل بل تراعي الجنس في الغرض المقصود ، فلو تعذّر على القديم جلّ وعزّ أن يفعل مثل المسبّب في الغرض المقصود إليه ابتداء لتحقّقت الحاجة ، ويفارق ذلك امتناع تحريك الجسم في الوقت الثاني في المكان العاشر ، لأنّا لا نصف واحدا من القادرين بالحاجة في جعل الجسم في العاشر إلى قطع هذه الأماكن التسعة ، وإن كان القديم يقدر على أن يفنيه في الثاني ثم يوجد في الثالث في المكان العاشر ، وهذا غير جائز فينا. فهذا وجه تفارق حالنا حال القديم فيه (ق ، ت ١ ، ٤١٨ ، ٢٢)
حادث
ـ الحادث حقيقته أنّه ما وجد عن عدم (ب ، ت ، ٧٣ ، ٧)
ـ إنّ قولنا حادث يفيد تجدّد حدوثه أو تقارب وجوده (ق ، غ ٥ ، ٢٣٤ ، ١٤)
ـ إنّ ما وقع من تصرّف زيد بحسب قصده ودواعيه يجب كونه فعلا له وحادثا من جهته. يدلّ على ذلك أنّه لو لم يكن حادثا من جهته ، لآل الأمر إلى أنّه لا تعلّق له به. وذلك ينقض علمنا بوجوب وقوع تصرّفه بحسب قصده ضرورة. ويوجب أنّ حال تصرّفه معه ، حال تصرّف غيره معه وحال ما يحصل في جسمه من مرض وصحّة (ق ، غ ٨ ، ١٣ ، ٣)
ـ إنّ الحادث لا يكتسب ، بمقارنة غيره له من الحوادث في باب الحدوث ، صفة لا تحصل له إذا كان منفردا ؛ وإنّما يحصل ، بالانضمام للحوادث ، حكم زائد على الحدوث (ق ، غ ٨ ، ٦٤ ، ٨)
ـ إنّ الحادث قد يكون على صفات ، منها ما يتعلّق بفاعله فيجب فيه ما ذكرته نحو كون الكلام جبرا أو أمرا ، ومنها ما يرجع إلى ذاته أو يجب له وإن لم يرجع إلى ذاته فلا يجب أن يتغيّر حاله فيه باختيار فاعله ، ولا يمنع ذلك من كونه فاعلا له ، وقد بيّنا من قبل أن كون الذات مختصّة بما يجب لنفسها لا يكون بالفاعل (ق ، غ ٩ ، ٩١ ، ٧)
ـ إنّ الحادث هو ما له أوّل وآخر ، فلا يجوز أن يقال في أحكامه ما ينقض هذا الأصل (ن ، د ، ٢٦٨ ، ٨)
ـ الدليل على أنّ الحادث لا بدّ له من محدث أنّه يحدث في وقت ويحدث ما هو من جنسه في وقت آخر ، فلو كان حدوثه في وقته لاختصاصه لوجب أن يحدث في وقته كل ما هو من جنسه ، وإذا بطل اختصاصه بوقته لأجل الوقت صحّ أن اختصاصه به لأجل مخصّص خصّصه به ، لو لا تخصيصه إيّاه به لم يكن حدوثه في وقته أولى من حدوثه قبل ذلك أو بعده (ب ، أ ، ٦٩ ، ٢)
ـ إنّ الذات إذا كان يستمرّ بها الوجود ، فوصفها بالحدوث في كل حال محال ، لأنّ حقيقة