الحادث هو الموجود عن عدم. فأمّا ما يستمرّ به الوجود فهو باق. وبين الحادث والباقي تناف من جهة الوصف ، وإن كان صفة الوجود واحدة ، كما أنّ بين المحدث والقديم تنافيا ، وإن كان صفة الوجود لا تختلف (أ ، ت ، ١٥٠ ، ١٦)
ـ اعلم أنّه إذا صحّ لنا استمرار الوجود بالجوهر فتسميته بأنّه باق حقيقة هذا هو الذي اختاره أبو هاشم ، والاستعمال والاطراد مساعدان على ذلك ، لأنّ حقيقة الباقي هو الموجود الذي لم يتجدّد وجوده في حال الخبر عنه بأنّه موجود ، فصار الموجود بالحدوث له حالان : إحداهما أن يكون وجوده متجدّدا في حال الخبر عنه فهو الحادث ، والثاني أن لا يكون وجوده متجدّدا فهو باق ، وأجريت هذه التسمية عليه فرقا بين هاتين الحالتين (أ ، ت ، ١٥٣ ، ٢)
ـ قالوا (المعتزلة) : الحادث غير مقدور في حال حدوثه ، وإنّما تتعلّق القدرة به قبل الحدوث (ج ، ش ، ٩٦ ، ١٤)
ـ الحادث في حال حدوثه مقدور بالقدرة القديمة ، وإن كان متعلّقا للقدرة الحادثة فهو مقدور بها. وإذا بقي مقدور من مقدورات الباري تعالى ، وهو الجوهر ، لا يبقى غيره من الحوادث ، فلا يتّصف في حال بقائه واستمرار وجوده بكونه مقدورا إجماعا (ج ، ش ، ١٩٨ ، ٧)
ـ ذهبت المعتزلة إلى أنّ الحادث في حال حدوثه ، يستحيل أن يكون مقدورا للقديم والحادث ، وهو بمثابة الباقي المستمرّ ، وإنّما تتعلّق القدرة بالمقدور في حالة عدمه. وقالوا على طرد ذلك : يجب تقديم الاستطاعة على المقدور ، ويجوز مقارنة ذات القدرة حدوث المقدور من غير أن تكون متعلّقة به حال وقوعه (ج ، ش ، ١٩٨ ، ١١)
ـ قالوا (المعتزلة) : الحادث واقع كائن ، والحاجة تمسّ إلى القدرة للإيقاع بها ؛ وإذا تحقّق وقوع الحادث بها انتفت الحاجة إلى القدرة ، وينزل الحادث منزلة الباقي المستمرّ (ج ، ش ، ١٩٩ ، ١٠)
ـ إنّ كل حادث فمخترع بقدرته ، وكل مخترع بالقدرة فمحتاج إلى الإرادة لتصرّف القدرة إلى المقدور ، وتخصّصها به. فكل مقدور مراد ، وكل حادث مقدور ، فكل حادث مراد ، والشرّ ، والكفر والمعصية ، حوادث ، فهي إذا لا محالة مرادة ، فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن. فهذا مذهب السلف الصالحين (غ ، ق ، ١٠٧ ، ١٢)
ـ منهم (المعتزلة) من قال الشيء هو القديم ، وأمّا الحادث فيسمّى شيئا بالمجاز والتوسّع (ش ، ن ، ١٥١ ، ٩)
ـ اتّفقت الكراميّة على أنّ الباري ـ تعالى ـ محلّ للحوادث ، لكنّهم لم يجوّزوا قيام كل حادث بذاته ، بل ما يفتقر إليه من الإيجاد والخلق. ثم هؤلاء يختلفون في هذا الحادث ، فمنهم من قال قوله : كن. ومنهم من قال : هو الإرادة. وخلق الإرادة أو القول في ذاته يستند إلى القدرة القديمة لا أنّه حادث بإحداث ، وأمّا خلق سائر المخلوقات فإنّه مستند إلى الإرادة أو القول على نحو اختلافهم ، فالمخلوق القائم بذاته يعبّرون عنه بالحادث ، والمباين لذاته يعبّرون عنه بالمحدث. وقد أطبق هؤلاء على أنّ ما قام بذاته من الصفات الحادثة ، لا يتجدّد له منها اسم ، ولا يعود إليه منها حكم ، حتى لا يقال ، إنّه قائل بقول : ولا مريد بإرادة ، بل قائل