إرادة الخير لم يصحّ أن يفعل ذلك الفعل منه على خلاف ذلك الوجه. وإذا صحّ أنها إنما تؤثر في أفعاله إذا كانت من قبله ، دخل ذلك تحت ما بيّناه من التمكين ؛ لأنها كالسبب في هذا الوجه (ق ، غ ١١ ، ٤٠١ ، ١٣)
ـ قد بيّن شيخنا أبو هاشم ـ رحمهالله ـ أنّ التمكين من العلم يجري مجرى العلم في حسن التكليف. ولذلك يستحقّ الخارجيّ الذمّ على قتل المخالف ، والبرهميّ الذمّ على الإخلال بالشرائع ، وإن لم يتمكّنا ـ وهما على تلك الحال ـ من أداء ذلك ؛ لأنّه قد كان يمكنهما أن يتوصّلا إلى ذلك بأمور يمكنهم إحداثها ، فلمّا أخلّوا بها أتوا من قبل أنفسهم في فقد التمكّن من هذه الأمور فاستحقّوا الذمّ. ولذلك صار المخلّ بالمعارف مستحقّا للذمّ ؛ لأنّه لم يفعل سائر الواجبات في هذه الأوقات التي لو لم يضيّع المعارف من قبل لأمكنه أن يعلمها ويؤدّيها على الوجه الذي كلّف (ق ، غ ١١ ، ٤٢٢ ، ١٢)
ـ أمّا شيخنا أبو هاشم ، رحمهالله ، فإنّه يقول في اللطف وفي التمكين جميعا : إنّ التكليف متى صحّ ووقع على شروط حسنة يقتضي وجوبهما ؛ إلا أنّ التكليف بهما أو بأحدهما يحسن ، وكذلك يقول في نفس الإبانة. ويقول : متى كلّفه فيجب أن يكون عالما بأنّه سيثيب المكلّف إذا أطاع ، وسيمكنه ويلطف له ، ويجعل ما يجري مجرى الجهة لحسنه أن يكون عالما بهذه الأمور دون حدوثها وكونها. وهذا بيّن ، لأنّ من حق اللطف أن يجوز تأخّره عن حال التكليف. وما يحدث بعد التكليف لا يجوز أن يكون جهة لحسن التكليف ؛ لأن ما له يحسن الشيء يجب أن يضامه ، أو يكون في حكم المقترن به (ق ، غ ١٣ ، ٧٠ ، ٩)
ـ إنّ التمكين إنّما يجب إذا تقدّم التكليف ، لأنّه تمكين مما كلّف وألزم (ق ، غ ١٤ ، ٥٤ ، ٩)
ـ إنّ ما عنده يختار المكلّف الواجب ، ولولاه كان لا يختاره ، يجب كوجوبه ، وأنّه في حكم التمكين والتخلية. فإذا كان تعالى ، متى كلّف الفعل ، فلا بدّ من أن يمكّن ، ويزيل الموانع ، ويكون ذلك واجبا ؛ فكذلك لا بدّ من أن يفعل ما يختار ، عنده ، المكلّف الفعل ، على وجه لولاه لكان لا يختاره (ق ، غ ١٥ ، ٣٦ ، ١٧)
ـ إنّ الملجأ إلى الفعل لا يختاره لحسنه في عقله ، وإنّما يختاره لوجه الإلجاء ، وكذلك الملجأ إلى أن لا يفعله ، لأنّه لا يعدل عنه قبحه في عقله ، لكن لوجه الإلجاء ، فقد صار زوال الإلجاء الداخل في وجه التمكين ، من حيث بيّناه ، وكذلك حصول الشهوة والدواعي المتردّدة لاحتقان بالتمكين ، لأنّه لا يصحّ أن يفعل على الوجه الذي كلّف إلّا معهما أو مع أحدهما ، لأنّ المشقّة والكلفة لا تحصل إلّا بهما ، أو بما يجري مجراهما ، فهذا الشرط جامع لما يتناوله الأمر والنهي ، ثم يختصّ الأمر بأن يكون ما تناوله حسنا وصلاحا ، إما على وجه يقتضي كونه نفلا ، أو على وجه يقتضي كونه واجبا ، إذا كان من باب الشرعيات ، التي تعرف بالأمر أو الإيجاب ؛ ويختصّ النهي بأن يتناول ما يكون قبيحا ، ويكون وجه قبحه كونه فسادا ، أو مانعا من الصلاح على ما بيّناه من قبل (ق ، غ ١٦ ، ٧١ ، ١٠)
ـ قد علمنا من جهة العقل ، ما هو تمكين من الفعل ، كالقدرة ، والآلة وسائر ما يختصّ به القادر ، أو يرجع إلى حال الفعل ، فالإمام