صفة ، ويستحقّ عليه العقوبة إذا كانت صفته ما ذكرناه ، وكانت العقوبة متباينة فيه. ومتى كان الفاعل ممن يستحيل عليه العقوبة استحقّ الذمّ ، واستحال استحقاقه للعقاب ، كالقديم ، تعالى ؛ لأنّ استحقاق الشيء يتبع صحّة فعله. فإذا استحال ذلك ، امتنع استحقاقه ؛ ولا يخرج الفعل بذلك ، من أن يصحّ أن يستحقّ به العقوبة إذا كانت ممكنة (ق ، غ ٨ ، ١٦٩ ، ٢)
ـ اعلم أنّه متى لم تثبت في الشاهد أحكام الأفعال ، لم يصحّ إثباتها في الغائب. لأنّ بالشاهد يتطرّق إلى الغائب في هذا الباب ، وإن كان في أحكام الأفعال ما يعلم تعلّقه بالفعل على الجملة من فعل أي فاعل وجد ؛ وإن صحّ أن يلتبس ذلك عند التعيين ، كما نقوله في قبح الظلم وما يلحق فاعله من النقص والذمّ. فلو لم يصحّ في الشاهد استحقاق المدح على الحسن ، لم يعلم أنّه تعالى يستحقّ المدح على شيء من أفعاله. ولو لم يثبت استحقاق الذمّ بالقبيح الواقع منّا ، لم يصحّ تقدير ذلك في القديم تعالى لو فعل القبيح ، ولما صحّ بمدحه بأنّه لا يظلم ولا يفعل القبائح ، ولا صحّ أن ينزّه نفسه عن ذلك ولا أن ننزّهه عنه ، ولبطل معنى التسبيح والتقديس والتحميد في أسمائه ؛ وكل ذلك يبطل ما يقوله المجبرة. لأنّ ذلك يوجب زوال الذمّ والمدح عن الشاهد ؛ وفي زوالهما ، زوال ذلك عن الغائب. وفي ذلك إبطال ما عرفناه من أحكام الأفعال ، وفيه إبطال التكليف أصلا ، فضلا عن أن يتكلّم في أحوال المكلّف وأفعاله (ق ، غ ٨ ، ١٧٤ ، ١٦)
ـ قد بيّنا في أول" التعديل والتجوير" أنّه لا يمتنع في كثير من أحكام الأفعال أن يكون واجبا فيها لشيء يرجع إلى حال الفاعل ، كقولنا إنّ الاعتقاد يكون علما لكون فاعله عالما بالمعتقد ، لكن ذلك متى ثبت وجبت المشاركة في الحكم عند مشاركة الفاعلين فيما يقتضيه من الصفة ، فكذلك تجب المشاركة في التوليد عند مشاركة السببين فيما أوجب التوليد (ق ، غ ٩ ، ٩٨ ، ٩)
ـ أحكام الأفعال تتعلّق بأحوالها دون ما يوجب لها تلك الأحوال وذلك يوجب اطراح التعلّق بوجوه القبح ، وأنّه لا فصل بين أن يقبح لا للوجوه ، لو صحّ ذلك فيه ، وبين أن يقبح لها ، أو لبعضها ، كما لا فصل بين أن يحصل قادرا لا للقدرة ، لو صحّ ذلك منه وبين أن يحصل كذلك بالقدرة ، ولذلك لم يجز تغيّر حكم القادر في صحّة الفعل ، مع ارتفاع الموانع ، ولم يجز بغير حكم القبيح ، فيمن يمكنه التحرّز منه ، ولا حكم الواجب في الإقدام عليه والإخلال به (ق ، غ ١٤ ، ٣٦٣ ، ٣)
أحكام التأليف
ـ من خصائص أحكام التأليف حاجته عند الوجود إلى محلّين متجاورين وأن يصير التزاقا وصلابة وغير ذلك ، فيصعب فكّ أحد المحلّين عن الآخر ، ويختصّ بأنّ المثلين منه إذا وجدا في محلّ واحد ثم وجد ضدّ لما يحتاج إليه أحدهما انتفى هو دون صاحبه ، وكل المتماثلات بخلاف ذلك. ألا ترى أنّ التأليف الذي بين الجزء الوسطاني وبين أحد الطرفين يزول عند التفريق بينه وبين هذا الطرف ، ويبقى التأليف بينه وبين الطرف الآخر وإن كانا مثلين (أ ، ت ، ٥٣٠ ، ٣)
أحكام الحقيقة والمجاز
ـ اعلم أنّ من أحكام الحقيقة والمجاز أنّهما لا