به نفسه أو وصفه به رسوله فهو كما وصفه ، فهو حق بالمعنى الذي أراده ، وعلى الوجه الذي قاله وإن كنت لا أقف على حقيقته ، فإن قلت : التصديق إنّما يكون بعد التصوّر ، والإيمان إنّما يكون بعد التفهّم ، فهذه الألفاظ إذا لم يفهم العبد معانيها كيف يعتقد صدق قائلها فيها؟ فجوابك أنّ التصديق بالأمور الجملية ليس بمحال ، وكل عاقل يعلم أنّه أريد بهذه الألفاظ معان ، وأن كل اسم فله مسمّى ، إذا نطق به من أراد مخاطبة قوم ، قصد ذلك المسمّى ، فيمكنه أن يعتقد كونه كاذبا مخبرا عنه على ما هو عليه ، فهذا معقول على سبيل الإجمال ، بل يمكن أن يفهم من هذه الألفاظ أمور جملية غير مفصّلة ، ويمكن التصديق بها كما لو قال قائل : في البيت حيوان أمكن أن يصدّق دون أن يعرف أنّه إنسان أو فرس أو غيره ، بل لو قال : فيه شيء أمكن تصديقه وإن لم يعرف ذلك الشيء. فكذلك من سمع الاستواء على العرش ، فهم على الجملة أنّه أريد بذلك نسبة خاصة للعرش ، فيمكنه التصديق قبل أن يعرف أنّ تلك النسبة هي نسبة الاستقرار عليه ، أو الإقبال على خلقه وإيجاده ، أو الاستيلاء ، أو معنى آخر من معاني النسبة ، فأمكن التصديق به (غ ، أ ، ٥١ ، ٢)
ـ الإيمان هو عبارة عن تصديق جازم لا تردّد فيه ولا يشعر صاحبه بإمكان وقوع الخطأ فيه ، وهذا التصديق الجازم يحصل على ست مراتب (غ ، أ ، ١٠٧ ، ١٦)
ـ الكفر هو تكذيب الرسول صلوات الله عليه في شيء ممّا جاء به. والإيمان تصديقه في جميع ما جاء به (غ ، ف ، ٥٥ ، ٩)
ـ ما الإيمان الصحيح؟ قلت : أن يعتقد الحق ويعرب عنه بلسانه ويصدقه بعمله ، فمن أخلّ بالاعتقاد وإن شهد وعمل فهو منافق ، ومن أخلّ بالشهادة فهو كافر ومن أخلّ بالعمل فهو فاسق (ز ، ك ١ ، ١٢٨ ، ٧)
ـ الطاعات من جملة الإيمان ، لأنّ الإيمان اعتقاد وإقرار وعمل (ز ، ك ١ ، ٤٨١ ، ١١)
ـ إنّ الإيمان لا ينفع إلّا مع العمل ، كما أنّ العمل لا ينفع إلّا مع الإيمان ، وأنّه لا يفوز عند الله إلّا الجامع بينهما (ز ، ك ٤ ، ٢٠ ، ١٣)
ـ فرّق في التفسير بين الإسلام والإيمان. والإسلام قد يرد بمعنى الاستسلام ظاهرا ، ويشترك فيه المؤمن والمنافق. قال الله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) (الحجرات : ١٤) ففرّق التنزيل بينهما. فإذا كان الإسلام بمعنى التسليم والانقياد ظاهرا موقع الاشتراك ، فهو المبدأ ثم إذا كان الإخلاص معه بأن يصدّق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، ويقرّ عقدا بأنّ القدر خيره وشرّه من الله تعالى ؛ بمعنى أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ؛ كان مؤمنا حقّا. ثم إذا جمع بين الإسلام والتصديق ، وقرن المجاهدة بالمشاهدة ، وصار غيبه شهادة ؛ فهو الكمال. فكان الإسلام مبدأ ، والإيمان وسطا ، والإحسان كمالا ، وعلى هذا شمل لفظ المسلمين : الناجي والهالك (ش ، م ١ ، ٤١ ، ٥)
ـ قال (واصل) : إنّ الإيمان عبارة عن خصال خير إذا اجتمعت سمّي المرء مؤمنا وهو اسم مدح (ش ، م ١ ، ٤٨ ، ١٢)
ـ الإيمان عندهما (الجبائيان) اسم مدح ، وهو عبارة عن خصال الخير التي إذا اجتمعت في شخص سمّي بها مؤمنا ، ومن ارتكب كبيرة فهو