يجوز إيقاع اسم الإيمان المطلق على معنى التصديق بأي شيء صدق به المرء ، ولا يجوز إيقاع اسم الكفر على معنى التغطية لأي شيء غطّاه المرء ، لكن على ما أوقع الله تعالى عليه اسم الإيمان واسم الكفر ولا مزيد ، وثبت يقينا أنّ ما عدا هذا ضلال مخالف للقرآن وللسنن ولإجماع أهل الإسلام أوّلهم عن آخرهم (ح ، ف ٣ ، ٢١١ ، ٢٤)
ـ إن قال قائل أليس الكفر ضدّ الإيمان ، قلنا وبالله تعالى التوفيق إطلاق هذا القول خطأ لأنّ الإيمان اسم مشترك يقع على معان شتّى كما ذكرنا ، فمن تلك المعاني شيء يكون الكفر ضدّا له ، ومنها ما يكون الفسق ضدّا له لا الكفر ، ومنها ما يكون الترك ضدّا له لا الكفر ولا الفسق ، فأمّا الإيمان الذي يكون الكفر ضدّا له فهو العقد بالقلب والإقرار باللسان ، فإنّ الكفر ضدّ لهذا الإيمان ، وأمّا الإيمان الذي يكون الفسق ضدّا له لا الكفر ، فهو ما كان من الأعمال فرضا فإنّ تركه ضدّ للعمل وهو فسق لا كفر ، وأمّا الإيمان الذي يكون الترك له ضدّا فهو كل ما كان من الأعمال تطوّعا ، فإنّ تركه ضدّ العمل به وليس فسقا ولا كفرا (ح ، ف ٣ ، ٢١٢ ، ١٤)
ـ إنّ اسم الإيمان منقول عن موضوعه في اللغة عن التصديق المجرّد إلى معنى آخر زائد مع التصديق (ح ، ف ٣ ، ٢٢٤ ، ١٨)
ـ قال أبو محمد : والذي نقول به وبالله تعالى التوفيق أنّ الإيمان أصله في اللغة التصديق على الصفة التي ذكرنا قبل ، ثم أوقعه الله عزوجل في الشريعة على جميع الطاعات واجتناب المعاصي إذا قصد بكل ذلك من عمل أو ترك (ح ، ف ٣ ، ٢٢٦ ، ٤)
ـ إنّما التقليد أخذ المرء قول من دون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ممّن لم يأمرنا الله عزوجل باتّباعه قط ، ولا بأخذ قوله بل حرّم علينا ذلك ونهانا عنه ، وأمّا أخذ المرء قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي افترض علينا طاعته وألزمنا اتّباعه وتصديقه وحذّرنا عن مخالفة أمره وتوعّدنا على ذلك أشدّ الوعيد فليس تقليدا بل هو إيمان وتصديق واتّباع للحق وطاعة لله عزوجل وأداء للمفترض (ح ، ف ٤ ، ٣٦ ، ٢٣)
ـ ذهبت الخوارج إلى أنّ الإيمان هو الطاعة ، ومال إلى ذلك كثير من المعتزلة ، واختلفت مذاهبهم في تسمية النوافل إيمانا (ج ، ش ، ٣٣٣ ، ٧)
ـ صار أصحاب الحديث إلى أنّ الإيمان معرفة بالجنان ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان (ج ، ش ، ٣٣٣ ، ٨)
ـ ذهبت الكراميّة إلى أنّ الإيمان هو الإقرار باللسان فحسب ، ومضمر الكفر إذا أظهر الإيمان مؤمن حقا عندهم ، غير أنّه يستوجب الخلود في النار. ولو أضمر الإيمان ولم يتّفق منه إظهاره ، فهو ليس بمؤمن ، وله الخلود في الجنّة (ج ، ش ، ٣٣٣ ، ١٠)
ـ ذهب بعض القدماء إلى أنّ الإيمان هو المعرفة بالقلب والإقرار بها (ج ، ش ، ٣٣٣ ، ١٠)
ـ إنّ حقيقة الإيمان التصديق بالله تعالى ، فالمؤمن بالله من صدّقه (ج ، ش ، ٣٣٣ ، ١٤)
ـ الإيمان والتصديق ، وهو أن يعلم قطعا أنّ هذه الألفاظ أريد بها معاني تليق بجلال الله تعالى ، وأنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم صادق في وصف الله تعالى به ، فليؤمن بذلك ، وليوقن بأنّ ما قاله صدق وما أخبر عنه حقّ لا ريب فيه وليقل : آمنّا وصدّقنا. وإنّ ما وصف الله تعالى