إنّ النقرس هو تصدّع العظم. وأمّا الدم والروح فلا حياة فيهما عندهما جميعا ، وكذلك الشعر. وقال في البغداديّات : إن المتكلّمين يسمّون القادر الحيّ : الإنسان ، ويلقّبون الكلام في ذلك بأنّه كلام في الإنسان ، وإن كان الحيّ من البهائم ليس بإنسان ، ومرادهم هو الحيّ ، إنسانا كان أو بهيمة. والمتفلسفون يسمّونه نفسا ، ويضعون الكلام في ذلك في النفس ، والعبارة تختلف دون المقصد. قال : والذي نقوله إنّ الحيّ هو هذا الشخص. وقال في غير موضع : إنّ الإنسان هو الأجزاء المبنيّة ، دون البنية والصورة. ولا يجري هذا الاسم عليه إلّا على ما كان من لحم ودم وإن لم يكن حيّا. وقد قال أبو عليّ ـ رحمهالله ـ : قد يقال : إنسان من طين. قال : ويبعد أن يوصف الصنم وإن كان على صورة الإنسان أنّه إنسان لمّا لم يكن لحما ودما. فلا بدّ مع كونه مبنيّا ، من لحم ودم (ق ، غ ١١ ، ٣١٢ ، ٥)
ـ إنّ الإنسان هو الحيّ ، هو هذا الشخص المبنيّ هذه البنية المخصوصة (ق ، غ ١١ ، ٣٢١ ، ٣)
ـ أمّا شيخنا أبو هاشم ـ رحمهالله ـ فإنّه يقول : لا يكون من جملة الإنسان إلّا ما هو من جملة الحيّ ؛ وهي الأجزاء التي تحلّها الحياة. فأمّا الشعر وكثير من العظم فليس من جملته ؛ لأنّه لا يدرك به ولا يألم ، ولأنّه وإن اتّصل به بمنزلة ما يلزق بجسمه من الأجسام التي اتصالها به كانفصالها ، في أنه ليس من جملة الحيّ القادر ؛ ولا يختلفان جميعا في أنّ الإنسان قد يوصف بذلك حيّا كان أو ميتا ؛ لأنّه لا يقصد به الحياة أو الموت ، وإنما نقصد به الصورة والبنية المخصوصتين في هذا القبيل دون غيره ، وموته لا يخرجه من هذا القبيل ، فيجب أن يوصف بهذه الصفة. فإذا صحّت هذه الجملة فيجب أن يكون ما به صار إنسانا هو الأعراض التي بمجموعها يصير بهذه الصفة المخصوصة دون غيرها ممّا لا مدخل له في هذا الباب (ق ، غ ١١ ، ٣٦٤ ، ٩)
ـ إنّ الإنسان هو الروح ، وهو جسم لطيف متداخل لهذا الجسم الكثيف ، مع قوله بأنّ الروح هي الحياة المشابكة لهذا الجسد ، وقد زعم أنّه في الجسد على سبيل المداخلة ، وأنّه جوهر واحد غير مختلف ولا متضادّ (النظام) (ب ، ف ، ١٣٥ ، ١)
ـ بكر بن أخت عبد الواحد بن زيد وكان يوافق النّظّام في دعواه أنّ الإنسان هو الروح دون الجسد الذي فيه الروح (ب ، ف ، ٢١٢ ، ١٤)
ـ الكلام في الإنسان : قال أبو محمد اختلف الناس في هذا الاسم على ما يقع ، فذهبت طائفة إلى أنّه إنّما يقع على الجسد دون النفس وهو قول أبي الهذيل العلّاف ، وذهبت طائفة إلى أنّه إنّما يقع على النفس دون الجسد وهو قول إبراهيم النظّام ، وذهبت طائفة إلى أنّه إنّما يقع عليهما معا كالبلق الذي لا يقع إلّا على السواد والبياض معا (ح ، ف ٥ ، ٦٥ ، ١٣)
ـ قد ثبت أنّ للإنسان اسم يقع على النفس دون الجسد ، ويقع أيضا على الجسد دون النفس ، ويقع أيضا على كليهما مجتمعين ، فنقول في الحي هذا إنسان وهو مشتمل على جسد وروح ، ونقول للميت هذا إنسان وهو جسد لا نفس فيه ، ونقول أنّ الإنسان يعذّب قبل يوم القيامة وينعم يعني النفس دون الجسد ، وأمّا من قال أنّه لا يقع إلّا على النفس والجسد معا فخطأ يبطله الذي ذكرنا من النصوص التي فيها وقوع اسم الإنسان على الجسد دون النفس