هذه الأعراض تقوم فصول الأشياء وحدودها التي تفرّق بينها وبين غيرها من الأنواع التي تقع معها تحت جنس واحد ، فهذا القسم مقطوع على وجوده في كل ما وقع اسم حامله عليه. والقسم الثاني غيريّ وهو ما يتوهّم بطلانه ولا يبطل بذلك ما هو فيه كاجترار البعير وحلاوة العسل وسواد الغراب ، فإن وجد عسل مرّ وقد وجدناه لم يبطل بذلك أن يكون عسلا ، وكذلك لو وجد غراب أبيض وقد وجد لم يبطل بذلك أن يكون غرابا ، فمثل هذا القسم لا يقطع على أنّه موجود ولا بدّ أبدا (ح ، ف ٢ ، ١٦٠ ، ١٩)
ـ إنّ الأعراض هي الأفعال من الأكل والشرب والنوم والجماع والمشي والضرب وغير ذلك ، فمن أنكر الأعراض فقد أثبت الفاعلين وأبطل الأفعال وهذا محال (ح ، ف ٥ ، ٦٧ ، ١٠)
ـ تنقسم الأعراض إلى ما يصحّ وجوده في المحل الواحد ، وإلى ما يستحيل وجوده إلّا في محلّين ، وليس هذا إلّا في التأليف. وما يوجد في محل واحد ينقسم إلى ما يفتقر إلى بيّنة ، وإلى ما يستغني عنها (أ ، ت ، ٣٥ ، ٢)
ـ الدليل على إثبات الأعراض أنّا إذا رأينا جوهرا ساكنا ، ثم رأيناه متحرّكا مختصّا بالجهة التي انتقل إليها ، مفارقا للتي انتقل عنها ، فعلى اضطرار نعلم أنّ اختصاصه بجهته من الممكنات وليس من الواجبات ، إذ لا يستحيل تقدير بقاء الجوهر في الجهة الأولى. والحكم الجائز ثبوته والجائز انتفاؤه ، إذا تخصّص بالثبوت بدلا عن الانتفاء المجوّز ، افتقر إلى مقتض يقتضي له الاختصاص بالثبوت ، وذلك معلوم أيضا على البديهة (ج ، ش ، ٤٠ ، ٦)
ـ إنّ الدّال على إثبات الأعراض تناوب الأحكام وتعاقبها على الجواهر (ج ، ش ، ٤٢ ، ٧)
ـ قال (معمّر) : إنّ الله تعالى لم يخلق شيئا غير الأجسام ، فأمّا الأعراض فإنّها من اختراعات الأجسام ، إمّا طبعا كالنار التي تحدث الإحراق ، والشمس التي تحدث الحرارة والقمر الذي يحدث التلوين. وإمّا اختيارا كالحيوان يحدث الحركة والسكون ، والاجتماع والافتراق (ش ، م ١ ، ٦٦ ، ٣)
ـ قال (معمّر) : إنّ الأعراض لا تتناهى في كل نوع ، وقال كل عرض قام بمحل فإنّما يقوم به لمعنى أوجب القيام ، وذلك يؤدّي إلى التسلسل ، وعن هذه المسألة سمّي هو وأصحابه ، أصحاب المعاني ، وزاد على ذلك فقال : الحركة إنّما خالفت السكون لا بذاتها ، بل بمعنى أوجب المخالفة ، وكذلك مغايرة المثل المثل ومماثله ، وتضادّ الضدّ الضدّ ، كل ذلك عنده بمعنى (ش ، م ١ ، ٦٧ ، ٥)
ـ من بدعه (هشام الفوطي) في الدلالة على الباري تعالى قوله إنّ الأعراض لا تدلّ على كونه خالقا ، ولا تصلح الأعراض دلالات ؛ بل الأجسام تدلّ على كونه خالقا (ش ، م ١ ، ٧٢ ، ١٣)
ـ الحق عندي أنّ الأعراض يجوز البقاء عليها ، بدليل إنّه كان ممكن الوجود في الزمان الأول ، فلو انتقل إلى الامتناع الذاتيّ في الزمان الثاني ، لجاز أيضا أن ينتقل الشيء من العدم الذاتيّ إلى الوجود الذاتيّ ، وذلك يلزم منه نفي احتياج المحدث في المؤثّر وأنّه محال (ف ، أ ، ٢٩ ، ١١)
إعراض
ـ ذهب أبو هاشم إلى أنّ الإعراض ليس بمعنى.