أثره. ولهذا ذهبت المعتزلة إلى أنّ الإعدام يكون بإيجاد ضدّ الموجود ، حتّى مشايخهم قالوا : إنّ الله تعالى قبل القيامة يخلق عرضا هو الفناء لا في محلّ ، وهو ضدّ جميع ما سوى الله تعالى ، فيفنى بوجوده ما سوى الله تعالى وهو لا يبقى زمانين فينتفي ، ولا يبقى غير وجه الله ذي الجلال والإكرام. وذهب النظّام إلى أنّ جميع الأجسام والأعراض غير باق زمانين ، بل يحدثها الله حالا فحالا. وذهبت الأشاعرة إلى مثل هذا القول في الأعراض (ط ، م ، ٤٠ ، ٥)
ـ قال جميع من لا يجوّز إعادة المعدوم بأنّ الأجسام لا تفنى ، ولكن تفنى التأليفات الّتي بين أجزائها ، فيكون لأجل ذلك هالكا. فإعدام زيد الأوّل ليس بممكن عند أكثر المسلمين ، وما لا يمكن لا يكون مقدورا للفاعل المختار (ط ، م ، ٤٠ ، ١٢)
إعدام الشيء
ـ إنّ كل صفة تناولتها قدرة القادر لنفسه ، صحّ أن تتناولها قدر القادر منّا ، وإنّما يقع الاختصاص في أجناس المقدور. فكان يجب ، لو صحّ أن يقدر قادر ما على إعدام الشيء ، أن نقدر نحن أيضا عليه. فكان يجب أن يصحّ أيضا منّا إعدام الشيء بلا واسطة ، كما يصحّ منّا إيجاده بلا واسطة. وفي فساد ذلك ، دلالة على إبطال هذا القول (ق ، غ ٨ ، ٧٩ ، ٦)
ـ ليس لأحد أن يقول : إنّما نقدر على إعدام الشيء بسبب ، وإن قدر تعالى على إعدامه ابتداء ؛ كما نقدر على الصوت بسبب ، وإن قدر تعالى على إيجاده ابتداء. وذلك أنّ السبب هو الذي بوجوده يوجد غيره ، ويصحّ مع وجوده المنع من مسبّبه. ووجود الضدّ ليس له هذا الحكم مع الضدّ الذي يعدم به ، فكيف يقال : إنّه سبب في عدمه؟ ولو كان سببا في عدم ما يضادّه ، لوجب أن يكون عدمه بحسبه. فكان لا يصحّ أن تنتفي بالجزء الواحد الأجزاء الكثيرة مما تضادّه. وكيف يصحّ أن يقال : إنّ الواحد منّا يقدر على إعدام الشيء ، ويستحيل في شيء من الأجناس أن تعدمه ابتداء. وإنّما صحّ القول : بأنّه قادر على إيجاد الأشياء ، لمّا صحّ في بعض الأجناس أن نوجده ابتداء ، فبنينا عليه ما يوجد بالسبب. ولو كان كل موجود يجب وجوده منّا عند إعدام فعل ، لم يصحّ القول بأنّا نقدر على إيجاده. فكذلك يجب أن لا يصحّ ذلك في إعدام الأشياء ، إذا تعذّر منّا إعدامها إلّا بوجود ما نوجده من الضدّ. فلا فرق بين من قال : إنّ إعدام الشيء بنا ، وإن كان تابعا لما نوجده من ضدّه ؛ وبين من قال : إنّ كون المتحرّك متحرّكا بنا ، وإن كان يجب عند وجود الحركة. وكذلك القول في سائر معلول العلل. وفساد ذلك واضح (ق ، غ ٨ ، ٨٠ ، ٢)
ـ إنّ القدرة لا تتعلّق بإعدام الشيء على وجه (ق ، غ ٨ ، ٨٢ ، ١٢)
ـ اعلم أنّ إعدام الشيء لا تتناوله القدرة ، وإنّما يقدر القادر على ما إذا وجد وجب عدم الشيء عنده. فمتى قلنا : إنّه تعالى قادر على إفناء فعل زيد ، فالمراد به أنّه قادر على إيجاد ضدّه ، فلا يجب كونه قادرا على إيجاد فعله من حيث قدر على إيجاد ضدّه (ق ، غ ٨ ، ١٥٨ ، ١٧)
أعراض
ـ إنّ هشاما كان يزعم أنّ الأدلة على الله لا بد أن يعرف وجودها باضطرار. (قال) والأعراض إنما يعرف وجودها باستدلال ونظر (خ ، ن ، ٤٩ ، ٥)