ووجود بعضها بعد بعض (ب ، ت ، ١٢٥ ، ٢٢)
ـ وجهان آخران من وجوه الإعجاز : أحدهما ما انطوى عليه من أخبار الغيوب التي يعلم كل عاقل عجز الخلق عن معرفتها والتوصل إلى إدراكها نحو قوله : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) (الفتح : ٢٧) ؛ فدخلوه كما وعدهم وأخبرهم ، ومن ذلك قوله تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (القمر : ٤٥) ؛ فكان ذلك كما أخبر ، وقوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة : ٣٣) ؛ وقد أظهره الله وأعلى دعوته وأذل الملوك المحاولة لإبطاله التي كانت حول صاحب الدعوة إليه ، وقوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (النور : ٥٥) ... والوجه الآخر ما انطوى عليه القرآن من قصص الأولين وسير الماضين وأحاديث المتقدّمين وذكر ما شجر بينهم وكان في أعصارهم مما لا يجوز حصول علمه إلّا لمن كثر لقاؤه لأهل السّير ودرسه لها وعنايته بها ومجالسته لأهلها وكان ممن يتلو الكتب ويستخرجها ، مع العلم بأن النبي ، صلى الله عليه ، لم يكن يتلو كتابا ولا يخطّه بيمينه ، وأنه لم يكن ممن يعرف بدراسة الكتب ومجالسة أهل السير والأخذ عنهم ، ولا لقي إلّا من لقوه ولا عرف إلّا من عرفوه ، وأنهم يعرفون دأبه وديدنه ومنشأه وتصرّفه في حال إقامته بينهم وظعنه عنهم ؛ فدلّ ذلك على أن المخبر له عن هذه الأمور هو الله سبحانه علّام الغيوب. فهذا وجه الإعجاز في القرآن (ب ، ت ، ١٢٩ ، ٢٢)
ـ قالت طائفة وجه إعجازه (القرآن) كونه في أعلى مراتب البلاغة ، وقالت طوائف إنّما وجه إعجازه أنّ الله منع الخلق من القدرة على معارضته فقط (ح ، ف ٣ ، ١٧ ، ٦)
إعجاز القرآن
ـ قوله (النظّام) في إعجاز القرآن إنّه من حيث الإخبار عن الأمور الماضية والآتية ، ومن جهة صرف الدواعي عن المعارضة ، ومنع العرب عن الاهتمام به جبرا وتعجيزا ، حتى لو خلاهم لكانوا قادرين على أن يأتوا بسورة من مثله بلاغة وفصاحة ونظما (ش ، م ١ ، ٥٦ ، ١٦)
إعدام
ـ إنّ القادر لا بدّ من أن يؤثّر في تحصيل صفة لم تكن ، وهذا إنّما يتأتّى في الإحداث. فأمّا الإعدام فلا يصحّ ذلك فيه إذ ليس للمعدوم بكونه معدوما صفة. وعلى هذا الأصل قلنا للمجبرة : إذا لم يصحّ أن تكون للفعل صفة يرجع بها إلى كونه كسبا فيجب أن لا يصحّ تعليقه بالفاعل (ق ، ت ٢ ، ٢٩٥ ، ١٢)
ـ الإيجاد والإعدام هو القول والإرادة وذلك قوله (كن) للشيء الذي يريد كونه ، وإرادته لوجود ذلك الشيء ، وقوله للشيء كن : صورتان (ش ، م ١ ، ١١٠ ، ٨)
ـ فسّر محمد بن الهيصم الإيجاد والإعدام : بالإرادة والإيثار. قال : وذلك مشروط بالقول شرعا ، إذ ورد في التنزيل : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (النحل : ٤٠) وقوله (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يس : ٨٢) (ش ، م ١ ، ١١٠ ، ١١)
ـ المؤثّر هو كلّ موجود يحصل منه موجود هو