الاعتماد ، لو لم يولّد مثله في كل حال ، لكان يجب أن لا ينفذ إلّا في أقرب الجهات من يد الرامي أولا أنّه يحصل عن اعتماده اعتماد آخر ، والبعض يولّد البعض فيبلغ المدى لأنّ ما يفعله قد ثبت أنّ البقاء عليه غير جائز (أ ، ت ، ٥٦٣ ، ٣)
ـ اعلم أنّ الاعتماد وغيره من الأسباب لا يختلف حاله في توليد ما يتولّد عنه بحسب اختلاف أحوال الفاعلين ، فلهذا إذا وجد من جهة الله تعالى أحد هذه الأسباب وزالت الموانع وحصل المحل محتملا ، فإنّ المسبّب يوجد من جهة كما يوجد إذا كان السبب فعلا لنا. فصار يصحّ من الله تعالى الفعل على الوجهين جميعا وإن كان لا شيء يفعله متولّدا إلّا ويصحّ منه أن يفعل مثله في الغرض المقصود إليه مبتدأ. فإذا فعله بسبب فلصلاح زائد. وإلّا كان عابثا. وقد منع أبو علي من صحّة أن يفعل الله بسبب (أ ، ت ، ٥٨٣ ، ١٣)
ـ اختلفوا (المتكلمون) في حصول الجوهر بالحيّز أنّ ذلك الحصول هل هو معلّل بمعنى آخر ، والحق عدمه ، لأنّ المعنى الذي يوجب حصوله في ذلك الحيّز ، إمّا أن يصحّ وجوده قبل حصوله في ذلك الحيّز أو لا يصحّ ، فإن صحّ فإمّا أن يقتضي اندفاع ذلك الجوهر إلى ذلك الحيّز أو لا يقتضي ، فإن كان الأوّل كان ذلك هو الاعتماد ولا نزاع فيه : وإن كان الثاني لم يكن بأن يحصل بسبب ذلك المعنى في حيّز أولى من حصوله في حيّز آخر اللهمّ إلّا بسبب منفصل ، ثم يعود البحث الأوّل فيه ، وأمّا أن لا يصحّ وجوده إلّا بعد حصول الجوهر في ذلك الحيّز كان وجوده متوقّفا على حصول الجوهر فيه ، فلو كان حصول الجوهر محتاجا إلى ذلك المعنى لزم الدور (ف ، م ، ٧٦ ، ١٠)
ـ أمّا المعتزلة ، فلمّا أثبتوا لبعض الحوادث مؤثّرا غير الله تعالى ، قالوا بأنّ كلّ فعل يصدر عن فاعله بلا توسّط شيء آخر ، كالاعتماد من الحيوان ، يقولون إنّه حصل منه بالمباشرة ؛ وكلّ ما يصدر عنه بتوسّط شيء آخر ، كالحركة التي تصدر عنه بواسطة الاعتماد ، يقولون : إنّه حصل منه بالتولّد (ط ، م ، ٦٠ ، ١٦)
ـ مذهب المعتزلة أنّ الفاعل يفعل الاعتماد ، ويتولّد من الاعتماد الحركة ، فالفاعل يوجب الحركة بالتولّد فيما هو مباين له ، والاعتماد بالمباشرة ، واحتجاجهم بحسن الأمر والنهي بالفعل (ط ، م ، ٣٣٦ ، ٢)
اعتمادات
ـ إنّ الاعتمادات والأكوان هي الحركات ، وأنّ الحركات على ضربين : حركة اعتماد في المكان وحركة نقلة عن المكان ، وزعم (النظّام) أنّ الحركات كلها جنس واحد وأنّه محال أن يفعل الذات فعلين مختلفين (ش ، ق ، ٣٤٦ ، ١٥)
إعجاز
ـ فإن قالوا : كيف يكون القرآن معجزا وهو غير خارج عن حروف المعجم التي يتكلّم بها الخلق من أهل الفصاحة والعي واللّكنة؟ قيل لهم : ليس الإعجاز في نفس الحروف وإنّما هو في نظمها وإحكام رصفها وكونها على وزن ما أتى به النبي ، صلى الله عليه ، وليس نظمها أكثر من وجودها متقدمة ومتأخرة ومترتبة في الوجود ، وليس لها نظم سواها ؛ وهو كتتابع الحركات إلى السماء ووجود بعضها قبل بعض