ـ والله جلّ ذكره
عند هشام الفوطي لم يزل عالما لنفسه لا يعلم لا بعلم محدث ، وإنّما زعم أنّ
الأشياء المحدثات لم تكن أشياء قبل إحداث الله لها (خ ، ن ، ٩٢ ، ١٢)
أشياء معروفات
ـ إنّ التعرّف سبب
للمعرفة موصل إليها ، ومن المحال أن يتقدم المسبب سببه ، وذلك أنّ الأشياء
المعروفات لا تعدو أحد أمرين : إمّا أن تكون مستدلا عليها أو محسوسة ؛ فالاستدلال
هو تعرّف الأشياء المستدل عليها (والحس هو) إدراك الحواس حتى يعرف الشيء المحسوس. ومن
المحال أن تكون المعرفة تتقدم الاستدلال الموصل إليها والحس الذي هو سبب إليها. وهذا
بيّن واضح لا يخفى على ذي عقل (خ ، ن ، ٨٦ ، ١٢)
أشياء مقدور عليها
ـ كان أبو الهذيل
يشك في تثبيت نهاية الأشياء المقدور عليها فيقول : حدّثوني عن كل الأجسام : أليس
غير كل الأعراض؟ أو بعض الأجسام أعراض وبعض الأعراض أجسام؟ (قال) فإن قلتم :
" إنّ بعض الأعراض أجسام وبعض الأجسام أعراض" خرجتم من عقول المجانين
فضلا عن الأصحاء. وإن قلتم : " أنّ كل الأعراض غير كل الأجسام" أقررتم
بالكلّ للأجسام والأعراض. وكان يقول : حدّثوني عن كل ما كان ووجد : هل منه واحد
يوصف بأنّه لا يكون؟ (قال) فإذا قلتم : لا! ـ ولا بدّ لكم من ذلك ـ قيل لكم : فكل
ما يكون سيوصف يوما ما بأن قد كان؟ فإذا قلتم : نعم! فقد أقررتم بالكلّ لما كان
وما يكون (خ ، ن ، ٢٠ ، ١٦)
أشياء واجبة على
البدل
ـ أما معنى قولنا
: " إنّ الأشياء واجبة على البدل" ، فهو أنّه لا يجوز للمكلّف الإخلال
بجميعها ، ولا يلزمه الجمع بينها ، ويكون فعل كل واحد منها موكولا إلى اختياره
لتساويها في وجه الوجوب. ومعنى" إيجاب الله سبحانه لها" ، هو أنّه كره
ترك جميعها ، وأراد كلّ واحد منها ؛ ولم يكره ترك كل واحد منها إذا فعل المكلّف
الآخر ، وفوّض إلى المكلّف فعل أيّها شاء ، وعرّفه جميع ذلك. وقد يجوز أن يريد
جميعها على البدل ، وعلى الجمع. ويفارق ذلك الواجبات المرتّبة ، نحو التيمّم مع
تعذّر الوضوء ، لأنّ فعل التيمّم والوضوء ليس بموكول إلى اختيار المكلّف. وقد دخل
في ذلك تخيير اللابس للخفّين بين أن يمسح عليهما أو يغسل رجليه ، وإن تعيّن عليه
غسلهما عند ظهورهما ، لأنّ تبقية الخفّ ونزعه موكول إلى اختياره (ب ، م ، ٨٤ ، ٢٠)
أصحاب الاتفاق
ـ سقط أيضا ما
يقوله أصحاب الاتفاق في المعرفة ، لأنّهم يقولون : متى اتّفق من العاقل أن يعرف الله
، تعالى ، ثبت التكليف عليه من بعد ، وإلّا فهو زائل ؛ فأمّا نفس المعرفة فلا يجوز
أن يكلّفها العبد. وهذا إنّما قالوه ، لظنّهم أنّ المعرفة لا طريق لها يصحّ من
العبد أن يفعلها عليه ؛ فإذا ثبت أنّ لها طريقا يفصل بينه وبين غيره ، فإنّ
المكلّف قد يعرف ذلك الطريق ويحصل فيه وجه وجوب المعرفة. فلا فصل في الحال هذه بين
من دفع صحّة وجوبها وتناول التكليف بها ، وبين من دفع في سائر الأفعال. وقد كشفنا
القول فيه (ق ، غ ١٢ ، ٢٦٣ ، ١٣)