الكتاب والسنّة ، لكن ننفي عنه أمارة الحدوث ، ونقول : استواؤه لا يشبه استواء الخلق ، ولا نقول إنّ العرش له قرار ، ولا مكان ، لأنّ الله تعالى كان ولا مكان ، فلمّا خلق المكان لم يتغير عمّا كان (ب ، ن ، ٤١ ، ٢١)
ـ إنّ الاستواء محتمل في اللغة ، وتختلف مواقعه بحسب ما يتّصل به من القول : فقد يراد به الاستيلاء والاقتدار ، وهو الذي عناه الشاعر بقوله : قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق ... وقد يراد بالاستواء تساوي الأجزاء المؤلّفة. وذلك نحو قولهم استوى الحائط ، واستوت الخشبة : إذا تألّفت على وجه مخصوص. وقد يستعمل ذلك بمعنى القصد فيقال : استويت على هذا الأمر واستقام لي ، بمعنى : قصدت إليه. وقد يقال : استوى حال فلان في نفسه وماله ، ويراد بذلك زوال الخلل والسقم. وقد يراد بذلك الانتصاب جالسا أو راكبا أو قائما ، كما يقال : استوى فلان على الكرسيّ ، وعلى دابته (ق ، م ١ ، ٧٣ ، ٢)
ـ إنّ المراد بالاستواء هو الاستيلاء والاقتدار (ق ، م ١ ، ٣٥١ ، ٦)
ـ اختلف أصحابه (ابن كرّام) في معنى الاستواء المذكور في قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (طه : ٥). فمنهم : من زعم أنّ كل العرش مكان له ، وأنّه لو خلق بإزاء العرش عروشا موازية لعرشه لصارت العروش كلّها مكانا له ؛ لأنّه أكبر منها كلّها ، وهذا القول يوجب عليهم أن يكون عرشه اليوم كبعضه في عرضه.
ومنهم : من قال : إنّه لا يزيد على عرشه في جهة المماسّة ، ولا يفضل منه شيء على العرش ، وهذا يقتضي أن يكون عرضه كعرض العرش (ب ، ف ، ٢١٦ ، ٢١)
ـ زعمت المشبّهة أنّ استوائه على العرش بمعنى كونه مماسا لعرشه من فوقه ، وأبدلت الكرّاميّة لفظ المماسّة بالملاقاة (ب ، أ ، ١١٢ ، ١٠)
ـ روي أنّ مالكا سئل عن الاستواء ، فقال الاستواء معقول وكيفيّته مجهولة ، والسؤال عنه بدعة والإيمان به واجب (ب ، أ ، ١١٣ ، ١)
ـ إنّ استواءه على العرش فعل أحدثه في العرش سمّاه استواء ، كما أحدث في بنيان قوم فعلا سمّاه إتيانا ، ولم يكن ذلك نزولا ولا حركة وهذا قول أبي الحسن الأشعري (ب ، أ ، ١١٣ ، ٣)
ـ الاستواء والاعوجاج منفيان عنه معا سبحانه وتعالى ، وتعالى الله عن ذلك لأنّ كل ذلك من صفات الأجسام ومن جملة الأعراض ، والله قد تعالى عن الأعراض (ح ، ف ٢ ، ١٢٤ ، ٨)
ـ الاستواء في اللغة يقع على الانتهاء ، قال الله تعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) (القصص : ١٤) أي فلمّا انتهى إلى القوة والخير وقال تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) (فصلت : ١١) أي أنّ خلقه وفعله انتهى إلى السماء بعد أن رتّب الأرض على ما هي عليه وبالله تعالى التوفيق وهذا هو الحق وبه نقول لصحّة البرهان به وبطلان ما عداه (ح ، ف ٢ ، ١٢٥ ، ١٠)
ـ لنرجع إلى معنى الاستواء والنزول ، أمّا الاستواء : فهو نسبة العرش إليه لا محالة ، ولا يمكن أن يكون للعرش إليه نسبة إلّا بكونه معلوما أو مرادا أو مقدورا عليه أو محلا مثل محلّ العرض أو مكانا مثل مستقرّ الجسم ؛ ولكن بعض هذه النسب تستحيل عقلا وبعضها لا يصلح اللفظ للاستعارة له. فإن كان في