بقبحه ، وألّا
يفعله من حيث كان قبيحا ، لأنه لو لم يفعله لغرض سواه ، لم يستحقّ المدح ، ولذلك
لم يجوّز أن يقوم التمكّن من معرفة قبحه مقام العلم بقبحه ، لأنّه لا يصحّ معه أن
يكون غير فاعل له لقبحه (ق ، غ ١٤ ، ٣٠٨ ، ١٤)
استخبار
ـ إنّ معنى السؤال
وحقيقته هو الاستخبار ومعنى الاستخبار طلب الخبر. وذلك على وجهين ، أحدهما استعلام
والثاني تقرير وتذكير وتنبيه على ما يبنى عليه بعد. واعلم أنّه لا بدّ أن تعلم أنّ
هذا التحديد إنّما يقع للسؤال المستعمل في الجدل ، وذلك أنّه إن جعل ذلك حدّا لنوع
السؤال انتقض لوجود سؤال ليس باستخبار ، كنحو سؤال العبد ربّه تعالى إذا قال"
ربّ اغفر وارحم" ، فإنّ هذا هاهنا ممّا يسمّيه أهل اللغة سؤالا وليس
باستخبار. ولكنّه إنّما يطلق ذلك في باب الجدل على معنى ما هو مستعمل في الجدل ،
فيكون تقدير معناه السؤال الجدليّ والسؤال الذي وضع للاستعلام أو للتقرير فهو نفس
الاستخبار (أ ، م ، ٢٩٤ ، ١٢)
ـ أمّا الاستخبار
فهو دلالة على أنّ في النفس طلب معرفة (غ ، ق ، ١١٨ ، ٩)
استدلال
ـ إن قال قائل زيدوني
وضوحا في صحّة النظر ، قيل له قول الله تعالى مخبرا عن إبراهيم عليهالسلام لمّا رأى الكوكب (قالَ هذا رَبِّي
فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً
قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ
مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) (الأنعام : ٧٦ ـ ٧٧)
فجمع عليهالسلام القمر والكوكب في أنّه لا يجوز أن يكون واحد منهما إلها
ربّا لاجتماعهما في الأفول. وهذا هو النظر والاستدلال الذي ينكره المنكرون وينحرف
عنه المنحرفون (ش ، ل ، ٩ ، ١٥)
ـ إنّ الله جلّ
ثناؤه جعل السبب الذي به درك كل خارج عن الحسن وجهين : أحدهما الاستدلال بالذي
عاين إذا اتصل الغائب بالذي عاين كاتصال دخان بالنار ، وضياء الشمس بها ، وكاتصال
أثر الفعل بالفاعل نحو الكتابة والبنيان ونحو ذلك. والثاني الخبر ينبئ عن حال ذلك
نحو البلدان النائية والأحوال المتغيرة والأمور النازلة ، معروف ذلك عند جميع
العقلاء ، وبذلك معرفة الإنسان الأجناس والفصول والأنواع ، وأنواع الطب واللسان
وعلوم الصناعات والحروب وغير ذلك (م ، ح ، ١٨٣ ، ١٤)
ـ إن قال قائل :
فعلى كم وجه ينقسم الاستدلال؟ قيل له : على وجوه يكثر تعدادها : فمنها : أن ينقسم
الشيء في العقل على قسمين أو أقسام يستحيل أن تجتمع كلّها في الصحة والفساد ،
فيبطل الدليل أحد القسمين ، فيقضي العقل على صحة ضدّه ؛ وكذلك إن أفسد الدليل سائر
الأقسام صحّح العقل الباقي منها لا محالة ؛ نظير ذلك علمنا باستحالة خروج الشيء عن
القدم والحدث ؛ فمتى قام الدليل على حدثه بطل قدمه ، ولو قام على قدمه لأفسد حدثه.
ومنها أن يجب الحكم والوصف للشيء في الشاهد لعلّة ما ، فيجب القضاء على أنّ من وصف
بتلك الصفة في الغائب فحكمه في أنّه مستحقّ لها لتلك العلّة حكم مستحقّها في
الشاهد ؛ لأنّه يستحيل قيام دليل على مستحقّ الوصف بتلك الصفة مع عدم ما يوجبها ؛
وذلك