فإذن ، قولنا : «المحال جائز أن يستلزم المحال» قضيّة موجبة مرسلة. وقولنا : «الواقع لا يستلزم المحال» سالبة حاصرة محيطة. فإذن ، المتصل اللّزومىّ من كاذبين إنّما يصدق إذا كان بينهما علاقة اللّزوم.
فإذا لم يكن علاقة اللّزوم : فإمّا أن يكذب الحكم بالاتصال رأسا إذا وجد العقل بينهما المنافاة ، وإمّا أن يصدق الاتصال الاتفاقىّ دون اللّزومىّ إذا لم يكن هناك علاقة أصلا ، لا علاقة الملازمة ولا علاقة المصادمة. وذلك أيضا إنّما يصحّ على سبيل الاحتمال التّجويزىّ ، لا الحكم البتّىّ ؛ إذ الاتفاق إنّما يكون بين المتحقّقات. وأمّا الكاذبات الاتفاقيّة ، أى المعدومات والممتنعات معا على سبيل الاتفاق ، فلعلّ التّحقّق التّقديرىّ يتفق لبعضها دون بعض. فإذن لا يصدق الحكم البتّىّ بأنّ الكاذبين المتفقين كذبا يتّفقان صدقا أصلا.
<د>تعقيب فيه تهذيب
من المقلّدين من يكتفى فى الحكم بجواز اللزوم بين محالين بعدم المنافاة بينهما وإن لم يجد العقل علاقة اللّزوم. ومنهم من يعتبر فيه العلاقة ويظنّ أنّها قد تتحقق مع المنافاة ، فإذا تحققت حكم بجواز الاستلزام. وإنّما التّعويل فى الفتوى على ما أسلفناه. وكيف يجوز اقتران الاستلزام والمنافاة وهما متصادمان بتّة.
وربما يتشبّث : بأنّ اجتماع النّقيضين مستلزم لارتفاعهما ؛ لأنّ تحقّق كلّ من النّقيضين يستلزم ارتفاع الآخر ، والجوز فيه غير متوار ؛ فإنّ تحقق أحد النّقيضين فى نفس الأمر يستلزم ارتفاع الآخر ، لا تحقّقه على تقدير محال ، وهو اجتماعه مع الآخر. فتحقّقه على ذلك التّقدير يستلزم تحقّق الآخر ، لا ارتفاعه. فمن أين يلزم ارتفاعهما.
ومن هناك ينحلّ ما يتشكك فيقال : إنّ اللّزوميّات لا تنتج متصلة ، لأنّ ملازمة الكبرى يحتمل أن لا تبقى على تقدير ثبوت الأصغر. مثلا ، إذا قلنا : كلّما كان هذا اللّون سوادا أو بياضا كان سوادا ، وكلّما كان سوادا لم يكن بياضا ، بطلت الملازمة فى الكبرى إذا ثبت الأصغر. فإذن ، لا يلزم من ذلك : كلّما كان هذا اللّون سوادا أو