بالذّات يستحيل أن يتعقّل ، لأنّه باطل الذّات ، فاقد الشّيئيّة ، ليس له نصيب من التّذوّت ولا حظّ من التقرّر حتى يستطيع أن يحيط به عقل ويناله مشعر ويتقرّر إليه تقرّر.
<ج> ذنابة قانونيّة
إنّ من الاعتراضات الخسيسة على تبيانات خلقيّة أو استقاميّة مؤسّسة على فرض امور مستحيلة ، فيتوصّل بذلك إلى استحالة امور مسلوك إليها بالقصد ، ما فشى عند عامّة الجدليّين أن يقال : هذا المفروض محال ، والمحال جاز أن يستلزم المحال ، ولا يستشعر أنّه لا فرق بين المحال والممكن فى الاستلزام بعلاقة عقليّة طبيعيّة وعدمه بعدمها.
أليس أنّ الملازمة لا يقتضيها إلاّ العلّة الموجبة إمّا بين نفسها ومعلولها أو بين معلوليهما. وقد كنّا أسمعناك فى سالف القول أنّه يكون لأحد المعلولين مدخليّة ما فى الآخر لا محالة. وأ ليس الشّرطىّ اللّزومىّ ما يكون الحكم فيه بصدق التّالى على تقدير المقدّم لعلاقة بينهما طبيعيّة. وبهذا ينحاز عن الشّرطىّ الاتّفاقىّ.
وكما الاستلزام لا يتحقق بالفعل إلاّ فى الامور الممكنة بتحقق العلاقة الطبيعيّة بالفعل ، فجواز الاستلزام لا يكون إلاّ بجواز تحقّق العلاقة. فإذا صحّ عند العقل أن يكون بين المحالين على تقدير تحقّقهما علاقة طبيعيّة يكون بحسبها اللّزوم ، جاز أن يحكم بالاستلزام بينما ؛ وإلاّ بطل بتّة (١٢٤).
فإذن ، المحال قد يستلزم محالا آخر : إمّا بالضّرورة الفطريّة أو الحدسيّة ، كما يستلزم تحقّق مجموع ممتنعين ذاتيّين تحقّق أحدهما ؛ أو كما يستلزم حماريّة زيد ، مثلا ، ناهقيّته ، وإمّا بالاقتباس ، كما الدّور يستلزم التّسلسل ؛ وقد لا يستلزمه إذا لم يكن بينهما علاقة عقليّة ، بل ربّما يصادمه إذا كان العقل يجد هناك علاقة المنافاة ، إمّا بالفطرة أو بالحدس ، كما فى تحقّق المركّب من ممتنعين بالذّات بالنّسبة إلى تحقّق أحدهما فقط ، أو حماريّة الإنسان بالنّسبة إلى صاهليّته. وإمّا بالقياس إلى فيناس كما فى حماريّة الإنسان بالقياس إلى ادراكه الكليّات على تقدير الحماريّة.