<٥٣> تختمة فى اعتبار بعض الأحكام للممتنع بالذّات
<أ> تنبيه تذكيريّ
ألست (٣٤٢) على تذكّر لما اتّضح أنّ الواجب بذاته لا يكون واجبا بغيره ، فاستعمل مثل ما سلف من البيان فى الممتنع بالذات ، واحكم أنّ ما يمتنع بذاته يستحيل أن يمتنع بغيره ، وإلاّ لبطل امتناعه ببطلان ذلك الغير. وأيضا ، لا يتصوّر لذات بعينها بطلانان ولا لبطلان ذات بعينه ضرورتان ، فلا يتصوّر تكثّر شيء من التقرّر والبطلان والوجود والعدم والضّرورة واللاّضرورة إلاّ بتكثّر الموضوعات. فإذن ، يستحيل أن يكون فيه بطلان ماهيّة مفروضة بعينها بحسب الذّات وبحسب الغير معا أو على التّناوب. فالممتنع بالذّات يكون ضرورة بطلانه بحسب نفس ذاته فقط بالضّرورة. فإذن ، قد استقام أنّ معروض ما بالغير من الوجوب والامتناع ممكن بالذّات بتّة.
<ب>بتحديق استبصاريّ
يليق بنا أن نعلمّك أنّ العقل كما أنّه لا يليق أن ليتعقّل القيّوم الواجب بالذّات ـ جلّ جنابه ـ كذلك لا يقدر أن يتعقّل الممتنع بالذّات.
أمّا القيّوم الواجب بالذّات فلغاية عزّه وجلاله ، بسبب محوضة قدّوسيّته وعلوّ مجده فى الكمال وسلطان كبريائه فى القاهريّة وتساطع أشعّة ظهوره فى الباهريّة وتراكم لا تناهى نوره فى الشدّة ، وفرط نقص العقل بالنّسبة إلى قوّة كماله ، مع كونه كاملا فى نفسه بالإضافة إلى من دونه ؛ فإنّه من هذه الجهة أضعف من أن يقوى على اكتناهه.
وأمّا الممتنع بالذّات ، فلفرط نقصه وبلوغه أقصى أفق النّقصان إلى حيث أن تجاوز صقع الشّيئيّة ، فليس فى عالم التقرر من شيء حتى يقدر العقل على اكتناهه.
فإذن ، القيّوم الواجب بالذّات لا يمكن أن يتعقل ؛ لأنّه لسعة ذاته وتماميّة وجوده وعدم تناهى مجده محيط بكلّ شيء ويمتنع أن يحيط به شيء ؛ والممتنع