الاستمرار واللااستمرار ويخرج موصوف ذلك الإمكان من البطلان والعدم إلى التقرّر والأيس من غير أن يتخصّص جوهره وتأيّسه بوقت دون وقت. وإن كان الإمكان الأصليّ قاصرا عن الكفاية ولم يكن له بدّ من حصول شرط آخر يكون بحسبه الاستعداد لقبول الفيض ، فذلك هو الّذي حوول إيضاحه بالفحص.
فإذن ، يكون لمثل هذا الممكن إمكانان : أحدهما الإمكان العائد إلى سنخ الماهيّة. وهو كون الشّيء بحال لا يلزم من فرض تقرّره أو بطلانه بما هو هو محال. والآخر الاستعداد التّامّ بحسب اجتماع الشّرائط المنتظرة وارتفاع المصادمات المانعة وتلك الشّرائط تكون لا محالة سابقة سبقا زمانيّا. والاستعداد التّامّ يحصل بحدوث حوادث متسابقة وسينكشف من بعد إن شاء اللّه تعالى ـ أنّ الحوادث المتسابقة لا يمكن حدوثها إلاّ عند حركة تتكفّل أن تقرّب المعلول من علّته بعد بعده عنها.
فإذن ، لم يكن بدّ لتلك الحوادث من محلّ يصير بسببها تامّ القبول لما يفيض عليه بعد ذلك ، من جود المبدأ الجواد ، وهو المادّة الّتي هى محلّ هذا الإمكان.
ونحن ـ حكماء الحكمة الحقيقيّة اليمانيّة ـ لسنا فى هذه الأحكام على مخالفة لفلاسفة الفلسفة اليونانيّة إلاّ فى حكم واحد ، فإنّا نردعهم عمّا زاغوا فيه عن الحقّ زيغا بعيدا وحاصوا عن الحكمة حيصا شديدا حيثما افتتنوا بدوام التّجوهر للمجعولات وتهوّسوا بتسرمد الوجود للمعلولات. وباللّه الاستعاذة من الشّقاوة الأبديّة والغواية السّرمديّة.
<١٥> استيفاء
إنّ القيّوم الواجب بالذّات ـ جلّ جنابه ـ قد أعطى كلّ شيء ما يحتاج إليه بالضّرورة فى تقرّره ووجوده وفى حفظ تقرّره ووجوده وما هو فوق الحاجة الضّروريّة ممّا هو أحرى له وأليق بحسب الإمكان.
فإن كان ذلك الإمكان فى مادّة فبحسب الاستعداد الّذي فيها ، وإن لم يكن فى مادّة فبحسب إمكان الأثر الفائض فى نفسه ، كالعقول المفارقة. وبالتّفاوت فى