مراتب الإمكانات تتفاوت درجات الوجودات فى الكمالات والنّقصانات. فإن كان تفاوت الإمكانات فى النّوع كان الاختلاف بالنّوع ، وإن كان ذلك التّفاوت فى إمكانات الأشخاص فاختلاف الكمال والنّقصان يكون فى الأشخاص. والكمال المطلق إنّما هو حيث الوجوب بلا إمكان ، والوجوب بلا عدم ، والفعل بلا قوّة ، والخير بلا شرّ ، والحقّ بلا باطل.
ثمّ كلّ تامّ فإنّه غير تامّ فى نفسه لا تماميّة ذاتيّة وإنّه ناقص الحقيقة فى جوهره نقصانا غير محدود بالنّسبة إلى محوضة كمال المبدأ الأوّل ، ولا نهاية مجده فى مراتب الشّدّة والقوّة والتّماميّة وفوقيّة التّماميّة ؛ إذ كلّ ما سواه ممكن فى ذاته ، والإمكان منبع الشّرّ ومغناطيس النّقصان. ثمّ الاختلاف بين التّوالى فى الأشخاص والأنواع يكون بحسب رتبة الإمكان ودرجة الاستعداد. وهذه الإمكانات هى أسباب الشّرّ والفقدان ، فلهذا لا يكون أمر من الامور الممكنة وجوهر من الجواهر الجائزة خلوا من مخالطة الشّرّ ولا عروا من ملابسة الفقدان ؛ إذ الشّرّ هو العدم كما الخير هو الوجود ، والفقدان هو القوّة كما الوجدان هو الفعليّة. وحيث يكون الإمكان أكثر يكون الشّرّ أكثر والفقدان أوفر.
فإذن ، نسبة بعض الممكنات بالإمكان أحقّ ، ونسبة الجواز إلى بعض الجائزات أولى ؛ لاختلاف الإمكانات كثرة وقلّة. وكما الوجود يقال بالتّشكيك فكذلك جواز الوجود. وبالجملة ، الموجودات ـ ما خلا واجب التقرّر والوجود الّذي تقرّره ووجوده بنفس ذاته ـ ممكنة التقرّر والوجود.
إلاّ أنّ (١) منها : ما إمكان تقرّره ووجوده فى غيره. ومثل ذلك يتقدم تقرّره بالفعل تقرّره بالقوّة تقدّما بالزّمان. والّتي هى كذلك من الجائزات هى الممكنة الكائنة. و (٢) منها : ما إمكان تقرّره ووجوده فى ذاته ـ وهو الّذي إمكانه معه ـ ولم يتقدّم تقرّره بالفعل تقرّره بالقوّة فى شطر من أشطر الزّمان أصلا. بل إنّما سبق تقرّر ذاته بالفعل بطلان فى اللاّخلاء واللاّملاء الزّمانىّ ؛ أعنى اللّيس الصّرف ، الّذي نسبته إلى الامتداد الزّمانىّ نسبة اللاّخلاء واللاّملاء إلى الامتداد المكانىّ. والّتي هى