<٥٠ > فيصل
إنّ ما هو جائز التقرّر والوجود فى ذاته ؛ فإنّه إمّا أن يكون جواز تقرّره ووجوده فى ذاته كافيا فى فيضانه من جود جاعله ونور فاعله ، فيكون تامّ الصّلوح للمجعوليّة من بعد العدم الدّهرىّ السّابق على طباع جوهره ، فيفعله الجاعل فى وعاء الدّهر ، ويكون لا محالة خارجا عن أفق الزّمان وظاهرا عن شوائب أدناس الزّمانيّات. فربّما توقّف على شيء ما غير ذلك أيضا ، لكن لا ممّا يعتريه التّخصّص بزمان ما.
وإمّا أن يكون بحسب جوازه الذّاتىّ غير تامّ الصّلوح للفيضان وبحسب بعض ما يتمّ به صلوحه لقبول الفيض غير مرتفع عن افق الزّمان ومع ذلك غير ممكن الاستيعاب لجميع الأزمنة ، فيكون لا محالة متخصّصا بالإمكان الآخر الّذي هو غير معنى الجواز بالذّات. وهو الّذي قد كنّا تلونا (١٢٢) عليك أنّه الإمكان الاستعدادىّ ، وأن أعود القول زيادة التّلخيص قبل :
إنّك ستتعرّف من ذى غرض إن شاء اللّه تعالى أنّ الجائزات مستندة فى تقرّرها ووجودها إلى جاعل واجب التّقرّر والوجود بذاته وواجب الوجود من جميع جهاته ، وكلّ من كان كذلك استحال أن يخصّ بعض المستعدّات بالفيض دون البعض ، بل يجب أن يكون عامّ الفيض.
وكبر إثما ومقتا عند اللّه ـ تعالى ـ أن يستند إليه بخل أو ضنّ أو قصور أو غفلة ـ تعالى اللّه عن ذلك كلّه علوّا كبيرا ـ إنّما الضّنانة والعطل شأن الذّوات القاصرة الجائزة والهويّات النّاقصة الممكنة.
فإذن ، إنّما يكون اختلاف الفيض من جهة اختلاف الاستعداد فى القوابل ؛ فإنّ للممكنات إمكانا فى أنفسها وماهيّاتها ، وهو وصف مشترك بمعنى واحد ، كما الوجود معنى واحد مشترك.
فإن كفى ذلك الإمكان الأصليّ فى الصّلوح للفيضان عن القيّوم الواجب بالذّات ـ جلّ ذكره ـ وجب أن يغلق فيضه ـ تقدّس وتعالى ـ اللّيس الصّرف المتبرّئ عن