تحقّق السّابق قبل المسبوق فى دعاء الدّهر.
فإذن ، الصّفة ، أعنى : الوجوب الّذي يتصف به الماهيّة بما هى مستندة إلى الجاعل ، متأخّرة عن موصوفها فى لحاظ العقل والذّات الموصوفة بها عن تأثير جاعلها وتأثير الجاعل عن احتياج المجعول إليه واحتياج المجعول عن علّته. وهذه التّأخّرات بعضها بالطبع وبعضها بالعليّة وبعضها بالمعلوليّة.
وبعض أبناء التّحقيق والتّحصيل (١) لم يستوف الفحص ولم يستعمل الغور ، فزعم أنّ جميعها أربعة تأخّرات : اثنان بالطبع واثنان بالذّات وأمّا الإمكان ، فحيث تحققت الأمر واكنتهت الكنه تعرّفت أنّه أولى مراتب الذّات بحسب سنخ جوهر الماهيّة ؛ لأنّ الممكن ليس بما هو موصوف بالإمكان بمتأخّر عن تأثير المؤثّر ، وإنّما يتأخّر عنه بحسب تقرّره أو بطلانه المتأخّرين فى لحاظ العقل عن نفس ماهيّته وسنخ ذاته ، وهما اللّذان بسببهما يحكم على سنخ جوهر الماهيّة بالاحتياج إلى المؤثّر ثمّ إلى علّة الاحتياج.
فإذن قد تأصّل لديك أنّ الشّيء (١٢٠) ـ أى مفهومه بما له من الماهيّة التّقديريّة فى عقل ما ـ ما لم يجب لم يتقرّر ، أى الماهيّة الحقيقيّة ، وما لم يتقرّر لم يصلح أن يحكم عليه بالوجود السّابق ، وما لم يصلح أن يحكم عليه بالوجوب لم يوجد ، وما لم يوجد لم يجب بالوجوب بحسب المحمول ، وما لم تكن هذه المراتب لا يتصور منه اقتضاء أصلا ، فكن لهذه الأمور على دوام تذكّر وذكرى.
<٤> إيقاظ
كأنّك قد تنبّهت بما نبّهناك : أنّ قولنا : «الإنسان ممكن» ليس عقدا ذهنيّا ، كما ربّما ظنّ ؛ إذ ليس مصداق الحمل ومطابق الحكم هو خصوص وجود الموضوع فى الذّهن وإن لم يكن الإمكان إلاّ من الاعتبارات العقليّة ، بل إنّه يجب أن يعتبر مثل ذلك العقد من الحمليّات الحقيقيّة.
__________________
(١). هو المحقق الطوسىّ قدّس سرّه منه مدّ ظلّه.