<٤٤> تسريح تنبيهيّ
أنت ـ بما انصرح لك أنّ الضّرورة بحسب الجزء أو بحسب التّقييد بقيد ما ضرورة بالغير؛ فإنّ الغير أعمّ من الغير الخارج عن المفهوم الّذي التفت إليه ومن الغير الدّاخل فيه ، وكذلك ما إنّ الوجوب بشرط المحمول وجوب بالغير ـ على سلطنة أن تسرّح ما يتجشّمه شيخ أتباع الإشراقيّة فى أبواب جهات العقود فى صناعة الميزان ، من إرجاع الضّرورة بشرط الوصف والضّرورة بشرط المحمول وبالجملة الضّرورات كلّها إلى الضّرورة بحسب الذّات تسريحا بإحسان ؛ إذ ليس هو على مضادّة الحقّ من كلّ وجه بل من بعض الوجوه ؛ فإنّ تلك الضّرورات ليست اتفاقيّة محضة بالقياس إلى ذات الموضوعات :
أمّا بحسب الوقتيّين المعيّن وغير المعيّن ، فلأنّ الحكم الوقتي ينساق إلى ذلك الوقت بسياقة لازم ضرورىّ للموضوع ، كحركة السّمائيّات اللاّزمة لها ؛ فإنّها تسوق النيّرين إلى الكسوف والخسوف وسائر الكواكب إلى الشّروق والغروب ، فالضّرورة فى الوقتين بالحقيقة إنّما هى لذلك اللاّزم ، وهى ضرورة ذاتيّة لا وقتيّة ، وإنّما كانت لذلك اللاّزم ؛ لأنّه لو لا ملاحظة الذّهن نسبتها إليه ما أمكن الحكم بها أصلا ؛ وأمّا بحسب الشّرطين ، شرط الوصف وشرط المحمول ، فالبيان فيه أظهر.
وبالجملة ، غير اللاّزم الضّرورىّ ، سواء كان ذلك الغير عن الأوقات أو عن شرائط الحكم ، ليس يخلو عن أنّه : إمّا أن يتعرّض له فى العقد أو يهمل.
فإن تعرّض له ، كأن قيل : «القمر وقت الحيلولة منخسف». فالموضوع إن كان القمر وحده فوقت الحيلولة يكون مأخوذا فى جانب المحمول جزءا ، فيكون حينئذ نسبة الخسوف وقت الحيلولة إلى القمر ضروريّة بحسب الذّات ، لا بحسب وقت وشرط. وإن كان الموضوع هو القمر وقت الحيلولة. فيكون الوقت قد أخذ فى جانب الموضوع جزءا منه. فيكون أيضا نسبة الخسوف إلى هذا المجموع ضروريّة بحسب الذّات.
وكذلك إن تعرّض بشرط غير الوقت ، كالإنسان إذا أخذ مع وصف الكتابة أو من