الجاعل إيّاها ، لا على اقتضاء منها لشيء من تلك الأمور ، كما يكون فى لوازم الماهيّة على الاصطلاح الشّائع. فإذن ، لا تكثّر فى الصّادر الأوّل أصلا.
ثمّ الوجوب ليس شيئا فى الماهيّة المتقرّرة وراء ذاتها فى نفس الأمر ، كما أنّ الوجود ليس أمرا زائدا عليها هناك ، بل هو تأكّد تقرّرها ووجودها للجاعل (١١٨) للماهيّة الواجبة فى نفسها بحسب نفس الأمر بإيجاب العلّة ، وهو أمر واحد لا تكثّر فيه ، وإنّما الكثرة فى العبارة عنه والبيان له. وقد يقال : الكثرة المتبرهن امتناعها فى الصّادر عن الواحد بما هو واحد إنّما هو الكثرة التمايزيّة البتّاتيّة دون الكثرة الاعتباريّة بحسب الصّفات العينيّة العقليّة. فالعقل الأوّل الصّادر عن الواحد الحقّ من جميع الجهات جوهر وعقل مثلا ، وسيذيع عندك سرّ هذا الموضع فى مظانّه إن شاء اللّه تعالى.
<٣٨> ضابط تذكاريّ
أليس قد انضبط ، إذن ، أمر الإمكان والوجود بين السّابق واللاّحق فالإمكان لازم طباع الماهيّة بما هى ماهيّة ؛ فإنّ ماهيّة الممكن بما هى هى يستحيل أن ينسلخ عن لا ضرورة الفعليّة والبطلان بالقياس إليها بنفسها ، وإلاّ كان الممكن بالذّات إمّا واجبا بالذّات أو ممتنعا بالذّات ، وذلك مستحيل. وإذا كان الإمكان ذاتيّا ثابتا للممكنات ، فإذن تكون فاقة الممكنات وحاجتها إلى الجاعل دائما ثابتة.
والوجوب السّابق لازم الذّات المتقررة بحسب نفس الأمر ، لا بحسب طباع سنخ الماهيّة ، بل بسبب إيجاب العلّة ، والوجوب اللاّحق ليس لازما أصلا ، لا بحسب طباع الماهيّة بسنخها ولا للذّات المتقرّرة بحسب نفس الأمر ، لأنّ اللازم هو المحمول الخارج من الموضوع الّذي لا ينفكّ عنه فى حال من الأحوال ، لسبب من شأنه أن يكون معلوما.
فإذا لم يكن لامتناع الانفكاك سبب معلوم سوى فعليّة الحمل ، فإنّه لا يكون هناك المعنى الّذي يقال له اللّزوم ، وإلاّ لكانت الاتفاقيّات لوازم ، إذ هى ممتنعة