فإذن ، الوجوب اللاّحق من حيث هو وجوب لاحق ، لا من حيث هو راجع إلى الوجوب السّابق المطلق الذّاتىّ السّرمديّ ليس يستوجب امتناع العدم ويقارنه جواز العدم فى كثير من الفعليّات ، وهى جملة الفعليّات الّتي موضوعاتها الحقائق الجوازيّة والطبائع الإمكانيّة. فعدم جواز العدم فى فعليّته بخصوص ما لا يمنع مقارنة جواز العدم فى أكثر الفعليّات. واستغراق الجمع المحلّى باللاّم لو التزم فإنّما يعبّر بالقياس إلى المراتب المختلفة الجمعيّة بحسب اختلاف أشخاص الجماعات وأفراد الجموع ، لا بالقياس إلى كلّ واحد واحد.
ولذلك ربما قيل فى العلوم اللّسانيّة : إنّ استغراق المفرد أشمل ؛ فإنّ المفرد المعرّف بلام الجنس صالح لأن يراد به جميع أفراد الجنس وأن يراد به بعضه ، أى الواحد الواحد منه ، كما فى قوله ـ تمجّد وتعالى ـ : يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ (يوسف/ ١٣).
والجمع المحلّى بلام الجنس صالح لأن يراد به جميع الجنس وأن يراد به بعضه ، لا إلى الواحد منه وإن كان قد يلزم شمول كلّ واحد فى بعض الصّيغ بالخصوص من جهة أخرى ، كما فى قوله ـ تعالى ـ : «رَبِّ الْعٰالَمِينَ». ويصحّ أخذ القضيّة على أنّها فى صورة جزئيّة أو طبيعيّة ، كما فى قولهم : العدم قد يعرض لنفسه ، والوجوب شامل للذّاتىّ ولما بالغير.
فمسائل العلوم قد تكون فى صور جزئيّات وإن لم يصحّ أن تكون شخصيّات. فمؤدّى العقد أنّ طبيعة وجوب الفعليّات قد يقارنها جواز العدم ، ومادّة المقارنة مخصوصة بالممكنات.
<٣٢> نصّ
إذا تحقق الوجوب اللاّحق وقتا ما فإنّه يمتنع أن يلحقه بطلان بحسب نفس الأمر مطلقا. وذلك لأنّه ليس يمكن أن يرفع عن ذلك الوقت وإلاّ اتفق النقيضان بالافتراق ولا عن غير ذلك الوقت ؛ فإنّه لم يمكن [أن] يتحقق فى وقت آخر غير ذلك الوقت حتى يرتفع عنه أو لا يرتفع عنه. فإذن ، هو يتحقق فى حدّ وقته ، وليس