فاحدس من ذلك : أنّ فيه القضيّة الفعليّة إذا كانت نسبتها ضروريّة ضرورة مطلقة ذاتيّة سرمديّة. وإنّما يتصوّر ذلك إذا لم يكن المحمول أمرا وراء ذات الموضوع وكان ذات الموضوع متقررا بنفسه موجودا بذاته كانت الضّرورة بشرط المحمول هناك إنّما تغاير الضّرورة المطلقة الذّاتيّة السّرمديّة لا بالذّات ، بل بحسب الاعتبار فقط ؛ فإنّ الضّرورة بحسب المحمول هناك بتّىّ والضّرورة بحسب الموضوع لا بالاعتبار ، والضّرورة بحسب الموضوع ليست ضرورة بشرط اتّصاف الموضوع بوصف ولا معلّلة بذات الموضوع ، ولا ضرورة ذاتيّة مقيّدة بأنّها مع كون الموضوع على وصف ما هو الموجود لا أزلا وأبدا أنّها ضرورة مطلقة أزليّة سرمديّة.
فإذن ، قولنا : «القيّوم الواجب متقرّر موجود بالفعل بشرط كونه متقرّرا موجودا بالضّرورة» هو بمثابة قولنا : «القيّوم الواجب بالذّات متقرّر موجود بالفعل بشرط كونه قيّوما واجبا بالذّات بالضّرورة» ، إذ المحمول بعينه هو معتبر فى نفس موضوع الّذي هو متسرمد التقرّر والوجود بذاته.
وكذلك قولنا. القيّوم الواجب بالذّات عالم بالفعل ما دام عالما بالضّرورة ، هو كقولنا : القيّوم الواجب بالذّات عالم بالفعل ما دام قيّوما واجبا بالضّرورة. وقولنا : القيّوم الواجب بالذّات متقرّر وموجود أو عالم ما دام عالما قيّوما واجبا بالذّات بالضّرورة ، هو بعينه كقولنا : القيّوم الواجب بالذّات متقرر وموجود أو عالم سرمدا على الإطلاق بالضّرورة.
فإذن ، لا ينبغى أن يعبأ باعتبار الوجوب اللاّحق بحسب المحمول فى العقود الفعليّة التى موضوعها القيّوم الواجب بالذّات ، جلّ ذكره ؛ فإنّ ما يستجدى اعتبار هذه الضّرورة هو أن يعلم أنّ القضيّة ربما تخلو عن سائر الضّرورات مع كونها فعليّة وليس يخلو عن هذه قضيّة ما فعليّة ضرورة ، وأنّ هذه الضّرورة ليس يثبت بحسبها الحكم لما فاسى الحقّ بعد تحقّق الحكم ، وأنّ الممكن بحسب الوجوب اللاّحق لا يستغنى عمّا يرفع عنه بحسب نفس الأمر ، وهو باق معه على طبيعة إمكانه بخلاف الوجوب السّابق ؛ فإنّ الممكن وإن بقى معه على طبيعة إمكانه الذّاتىّ ، لكنّه