وأمّا الكتابة المطلقة ، فإنّ نسبتها إلى الإنسان بشرط الكتابة هى الضّرورة وإلى الإنسان المرسل وإن كان فى وقتها هى الإمكان ، كما أنّ نسبة تحرّك الأصابع إلى ذات الكاتب بشرط الكتابة ضروريّة ، وإليه وحده فى وقت الكتابة جوازيّة ، فيصدق قولك : بالضّرورة : كلّ كاتب متحرك الأصابع ما دام كاتبا بشرط الوصف والصّدق ما دام الوصف لا على التّحيّث التّقييدىّ ، فالشّرط والقيد قيدان إمّا للموضوع أو للمحمول. والضّرورة بحسب تقييد الموضوع أو المحمول تصير وصفيّة. وليس تقييد الموضوع مصادم كون معروض الإمكان والوجوب بشرط المحمول واحدا. إذ المعنيّ بذلك هو أنّ معروضهما بالذّات ، لا بحسب الحيثيّات.
ثمّ ألم يستبن عند تأهّل غائر أنّ شرط المحمول إن لم يكن قيدا لإحدى الحاشيتين كان نفس التقرّر والوجود واجبا بالقياس إلى ذات الممكن وحده ، ومحال بالضّرورة الفطريّة أن يكون ذلك الوجوب له بذاته. فيجب حينئذ لحاظة انتشاره إلى العلّة البتّة. فإذن ، يرجع الوجوب اللاّحق وجوبا سابقا.
وأيضا شرط المحمول إذا كان حيثيّة تعليليّة كان الوجوب معلّلا به ، وحاشيتاه نفس ذات الموضوع وطبيعة المحمول على وصف الإطلاق. ومن المستحيل أن يكون الشّيء علّة لوجوب نفسه لشيء ، فلا يكون المحمول علّة لوجوب نفسه للموضوع.
وأيضا كيف يمكن أن يكون شرط المحمول علّة لوجوب المحمول نفسه بالقياس إلى ذات الموضوع وحده بالشّرط المحمول. وهل هذا إلاّ فاسد الانتظام فى نفسه. فإذا لم يكن الموضوع مشروطا ولا المحمول مشروطا ، بل هما مطلقان لا بشرط. فأين. وما الشّرط الّذي يدّعى أنّه علّة ، فإن جعل الشّرط قيدا لوجوب الحاشيتين قبل ، فقد جعل حيثيّة تقييديّة للعارض وإن لم يجعل قيدا للمعروض ، وهو الموضوع.
فإذن ، لا محيص من أن يجعل قيدا ما ، وإلاّ لم يحصل ما هو مناط الوجوب اللاّح ، بل كانت الملحوقات بأسرها مطلقات. وحينئذ ، فإمّا أن يجعل حالا للموضوع ، وقد عرفت سبيله ، وإمّا أن يجعل قيدا للوجوب العارض بأن يؤخذ ذنابة للمحمول ، فيضاف إليه الوجوب.