والوجه الثّانى ؛ الوحى : الإلهام فى القلب ؛ قوله تعالى ؛ (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى)(١) : أى ألهمنا ؛ وكقوله تعالى : (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ)(٢) : أى ألهمت ؛ وكقوله تعالى فى سورة النحل : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ)(٣) يقول : وألهم ربّك النحل.
والوجه الثّالث ؛ الوحى : الكتاب ؛ قوله تعالى فى سورة مريم ـ عن زكريا ـ : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً) يعنى : كتب لهم على الأرض (٤) أن سبّحوه بكرة (وَعَشِيًّا)(٥).
[١٣٣ / ظ] والوجه الرّابع ؛ الوحى يعنى : الأمر ؛ قوله تعالى فى سورة «حم السجدة» (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها)(٦) يقول : أمر لكلّ سماء أمرها (٧) ، وكقوله تعالى فى سورة الأنعام : (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ)(٨) ؛ وكقوله تعالى : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ)(٩) يعنى : يأمرونهم بالوسوسة (١٠).
والوجه الخامس ؛ الوحى يعنى : القول ؛ فذلك قوله تعالى فى سورة الزلزلة : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها. بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها)(١١) : أى قال لها.
* * *
__________________
(١) سورة القصص / ٧. وانظر (مفردات الراغب : ٥١٥) و (تفسير الطبرى ٢٠ : ٢٠) و (تفسير البحر المحيط ٧ : ١٠٥) و (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٢٨) وفيه : «أى ألقينا فى قلبها.».
(٢) سورة المائدة / ١١١.
(٣) الآية / ٦٨. وانظر (مفردات الراغب : ٥١٥) و (غريب القرآن للسجستانى : ١٠).
(٤) على قول مجاهد. وقال عكرمة : كتب فى كتاب. والوحى فى كلام العرب : الكتابة. (تفسير القرطبى ١١ : ٨٥) وانظر (مفردات الراغب : ٥١٥) و (توجيه القرآن ـ الورقة : ٢٥١).
(٥) الآية / ١١.
(٦) الآية / ١٢ ؛ وتسمى سورة فصلت.
(٧) «قال قتادة والسدى : خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وأفلاكها ، وخلق فى كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذى فيها من البحار وجبال البرد والثلوج ، وهو قول ابن عباس» (تفسير القرطبى ١٥ : ٣٤٥) وبنحوه فى (توجيه القرآن ـ الورقة : ٢٥٠) و (مفردات الراغب : ٥١٦).
(٨) الآية / ١١٢.
(٩) سورة الأنعام / ١٢١.
(١٠) «الوسوسة : القول الخفى لقصد الإضلال ؛ من وسوس إليه ووسوس له ؛ أى فعل الوسوسة لأجله ؛ وهى حديث النفس والشيطان بما لا نفع فيه ولا خير» (كليات أبى البقاء : ٣٧٥).
(١١) الآيتان / ٤ ، ٥. فى (توجيه القرآن للمقرئ ـ الورقة : ٢٥٠) «أى أمرها».