الدينية التاريخية أولى العلوم بالحفظ ، لأنّه إذا ضاع شيء فلا يمكن تداركه بعدختم النبوّة(١).
وظهرت آراء وقواعد تدلّ على ترابط العِلْمين ـ أي التاريخ والرجال ـ من أهمّها اهتمام ابن خلدون بمتن الرواية ، إذ يقول : «ولا يرجع إلى تعديل الرواة حتّى يعلم أنّ ذلك الخبر في نفسه ممكن أو ممتنع ، وأمّا إذا كان مستحيلاًفلا فائدة للنظر في التعديل والتجريح»(٢).
علم الرجال وعلم الجرح والتعديل :
من خلال القراءة في موضوع علم الرجال لم أجد من ميّز بينه وبين علم الجرح والتعديل ، وكأنّ هذا الأخير ـ علم الجرح والتعديل ـ قد ذاب في علم الرجال. وقد أفرد الحاكم(٣) والشيخ صبحي الصالح(٤) لعلم الجرح والتعديل عنواناً مستقلاًّ حوى عدّة أسطر ، وكأنّ كلامهما أيضاً لا يميّز بين علم الجرح والتعديل وعلم الرواة. ولعلّ هذا يعود إلى أنّ جرح الرواة
__________________
(١) أهمية علم الرجال : ١٧٧.
(٢) المقدمة لإبن خلدون : ٣٧.
(٣) معرفة علوم الحديث : ٥٢ ـ ٥٥.
(٤) قال : «هو علم يعرّف رواة الحديث من حيث إنّهم رواة للحديث. وأوّل من عرف عنه الاشتغال بهذا العلم البخاري (ت٢٥٦ هـ) ، ويوجد أيضاً في طبقات ابن سعد (٢٣٠ هـ) ، وفي القرن السابع جمع عزّ الدين ابن الأثير (٦٣٠ هـ) في أسد الغابة في معرفة الصحابة ، وفيه أخطاء إذ ضمّنه من ليسوا من الصحابة ، وجاء بعده ابن حجر العسقلاني (ت٨٥٢ هـ) فألّف الإصابة في تمييز الصحابة ، وقد اختصره السيوطي (ت٩١١ هـ) بعين الإصابة». وهذا ما ذكره الشيخ صبحي الصالح فقط ، ينظر : علوم الحديث ومصطلحه : ١٠٩ ، وينظر : تدريب الراوي في شرح تقريب النووي ١/٣٤٢ ـ ٣٥٠.