قال ابن عبّاس : تميلوا عن العدل.
وقوله : (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا)(١).
قال مجاهد : (وَإِنْ تَلْوُوا) : تبدّلوا الشّهادة (أَوْ تُعْرِضُوا) : تكتموها فلا تقيموها ؛ وهذا من لىّ اللسان ، كأنّه لواها من الحقّ إلى الباطل.
وقال السّدّىّ : «اللىّ» : دفع الشّهادة ، «والإعراض» : ((٢) الجحود (٢)).
وقرئ : وإن تلوا ـ بواو واحدة (٣) ـ ، من ولاية الشّىء ، وهو الإقبال عليه ، وخلاف الإعراض عنه. والمعنى : إن تقبلوا أو تعرضوا.
(فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً).
فيجازى المقبل المحسن بإحسانه ، والمسىء المعرض بإعراضه.
وقال قطرب : وإن تلوا من الولاية ، يريد : إن تلوا القيام بالحقّ ، وتتولّوا (أَوْ تُعْرِضُوا) عنه فلا تقوموا به (٤).
١٣٦ ـ قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا ..) الآية (٥).
قال ابن عبّاس فى رواية الكلبىّ : نزلت فى مؤمنى أهل الكتاب قالوا : يا رسول الله ، إنّا نؤمن بك وبكتابك ، وبموسى والتّوراة [وعزير](٦) ، ونكفر بما سواه من الكتب والرّسل.
وقال الضّحّاك : الخطاب لليهود والنّصارى ، يقول : يا أيّها الّذين آمنوا بموسى والتّوراة ، وعيسى والإنجيل آمنوا بمحمّد والقرآن.
__________________
(١) قال ابن قتيبة فى (تفسير غريب القرآن له : ١٣٦): «من اللى فى الشهادة ، والميل إلى أحد الخصمين» ، و (تفسير القرطبى ٥ : ٤١٤) وقال ابن منظور فى (اللسان ـ مادة : لو): «تلوا» من الولاية ، وهى القيام بالأمر ، وأما تَلْوُوا فمن اللى ، وهو المدافعة».
(٢ ـ ٢) الإثبات عن أ ، ب.
(٣) قرأ ابن عامر وحمزة : (تلوا) : بضم اللام وواو ساكنة بعدها على وزن «تفوا». قيل : من الولاية ؛ أى وإن وليتم إقامة الشهادة ، أو تعرضوا عنها ، وافقهما الأعمش ـ ولا عبرة بطعن الطاعن فيها مع تواترها ، وصحة معناها. و [قرأ] الباقون : [تَلْوُوا] بإسكان اللام وإثبات الواو المضمومة قبل الساكنة ؛ من لوى يلوى ، والأصل «تلويوا» حذفت الضمة على الياء لثقلها ، ثم الياء لالتقاء الساكنين ، وضمت الواو ؛ لأجل الضمير. (إتحاف فضلاء البشر ١٩٥) وانظر (البحر المحيط ٣ : ٣٧١) و (السبعة فى القراءات ٢٣٩) و (تفسير القرطبى ٥ : ٤١٤).
(٤) حاشية ج : «قوله : فلا تقوموا به : شرح لقوله تعالى : أَوْ تُعْرِضُوا عنه ، على هذا التقدير الأخير ؛ وهو أن يكون «تلوا» من الولاية ، بمعنى القيام بأمر شخص ، وليس جوابا للشرط ، بل جواب الشرط فى لفظ القرآن ؛ وهو قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) ؛ فظهر من هذا أن قول المصنف : فلا تقوموا به» لو كان بالواو ، أو بأو لكان أولى».
(٥) والآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً).
(٦) ما بين الحاصرتين تكملة عن (أسباب النزول للواحدى ١٧٩) و (الدر المنثور ٢ : ٧١٦) وانظر السبب مطولا فيهما.