وقال جماعة من المفسّرين : الخطاب للمؤمنين ، وتأويل (آمِنُوا بِاللهِ) : أقيموا واثبتوا ودوموا عليه (١).
وقال مجاهد : الآية خطاب للمنافقين ؛ وذلك أنّهم آمنوا فى الظّاهر بألسنتهم ، وكفروا بقلوبهم ، فقال الله تعالى : آمنوا بقلوبكم.
وقوله : (وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ)(٢).
قال ابن عبّاس : يريد القرآن. (وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) يريد :
كلّ كتاب أنزله على النّبيّين ؛ وذلك أنّه اسم الجنس فصلح للعموم.
١٣٧ ـ قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ..) الآية.
أكثر المفسّرين على أنّ هذه الآية نزلت فى اليهود.
قال قتادة : آمنت اليهود بالتّوراة ، ثم كفرت بمخالفتها ، ثمّ آمنت بالإنجيل ، ثمّ كفرت بمخالفته ، (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) بمحمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والقرآن (٣).
(لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) ما أقاموا (٤) على ذلك ؛ لأنّ الله أخبر أنّه يغفر كفر الكافر إذا انتهى (٥) ؛ فإذا أطلق القول بأنّه لا يغفر لهم علم أنّ المراد به ما أقاموا عليه.
(وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) : طريق هدى.
وهذا إخبار عمّن فى معلوم الله أنّه لا يؤمن.
١٣٨ ـ قوله جلّ جلاله : (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً).
قال المفسّرون : إنّ المنافقين كانوا يتولّون اليهود فألحقوا بهم فى التّبشير بالعذاب. ومعنى : بشّرهم : أخبرهم (٦).
__________________
(١) : أى على الإيمان بالله ، قاله الحسن ؛ وهو أرجح لأن لفظ المؤمن متى أطلق لا يتناول إلا المسلم. (البحر المحيط لأبى حيان ٣ : ٣٧١).
(٢) ج : (نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ) بضم النون وكسر الزاى ، بالبناء للمفعول ، وكذلك قوله تعالى فيما يلى : (وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) بضم الهمزة وكسر الزاى ، بالبناء للمفعول أيضا. وهذه القراءة قرأ بهما ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر .. والنائب ضمير الكتاب ، وافقهم ابن محيص واليزيدى والحسن ؛ [وقرأ] الباقون : بفتح النون والهمزة ، والزاى فيهما ، على بناءهما للفاعل وهو الله تعالى» (إتحاف فضلاء البشر ١٩٥) وهذه القراءة الأخيرة أثبتها عن أ ، ب وموافقة للرسم العثمانى.
(٣) الأثر أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة. انظر (الدر المنثور ٢ : ٧١٦).
(٤) حاشية ج : ««ما» بمعنى المدة».
(٥) حاشية ج : «إذا انتهى عن كفره».
(٦) قال أبو حيان : وجاء بلفظ «بَشِّرِ» على سبيل التهكم بهم ، نحو قوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)* (البحر المحيط ٣ : ٣٧٣).