قال المفسّرون : هذا الصّلح فى القسمة ؛ وهو أن يقول الرجل لامرأته : إنّك دميمة ، أو دخلت فى السّنّ ، وأريد أن أتزوّج عليك شابّة جميلة ، وأوثرها عليك فى القسم باللّيل والنّهار ، فإن رضيت فأقيمى ، وإن كرهت خلّيت سبيلك ، فإن رضيت بذلك (١) ؛ وإلّا كان الواجب على الزّوج تمام حقّها ؛ من المقام عندها ، أو يسرّحها بإحسان ، وكلّ ما اصطلحا عليه من شىء فهو جائز ؛ وهو أن تترك له من مهرها ، أو بعض أيّامها.
ومعنى يصالحا (٢) : يتصالحا ، فأدغم التّاء فى الصّاد.
وقرئ : (يُصْلِحا) من الإصلاح عند التّنازع ، كقوله : (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ)(٣).
وقوله : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) : أى من النّشوز والإعراض والفرقة.
يقول : أن يصّالحا على شىء خير من أن يتفرّقا أو يقيما على النّشوز والإعراض.
وقوله : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ)(٤) : أى ألزمت البخل.
قال المفسّرون : أحضرت نفس كلّ واحد من الرّجل والمرأة شحّا بحقّه قبل صاحبه ، فالمرأة تشحّ على مكانها من زوّجها ، والرجل يشحّ على المرأة بنفسه إذا كان غيرها أحبّ إليه منها.
وقوله : (وَإِنْ تُحْسِنُوا) : أى تصلحوا (وَتَتَّقُوا) : الجور والميل (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً).
١٢٩ ـ قوله عزوجل : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا ...)(٥) الآية.
قال المفسّرون : يقول : لن تقدروا على التّسوية بينهنّ فى المحبّة : التى هى ميل الطّباع ؛ لأنّ ذلك ممّا لا تقدرون عليه ولو اجتهدتم.
__________________
(١) حاشية ج : «فجوابه محذوف ؛ وهو قوله : فهو المطلوب».
(٢) قرأ عاصم وحمزة والكسائى وخلف : [يُصْلِحا] بضم الياء وإسكان الصاد وكسر اللام من غير ألف ، وافقهم الأعمش ؛ و [قرأ] الباقون : [يصالحا] بفتح الياء والصاد مشددة ، وبألف بعدهما وفتح اللام ؛ على أن أصلها يتصالحا ، فأبدلت التاء صادا ، وأدغمت ، [وقد ثبتت هذه القراءة فى نسخة ج]. انظر (إتحاف الفضلاء ١٩٤) و (السبعة فى القراءات ٢٣٨).
(٣) سورة البقرة : ١٨٢ ، وانظر تفسيرها فى (الوسيط للواحدى ١ : ٢٦١ ـ بتحقيقنا).
(٤) حاشية ج : «الشح أقبح البخل ، وحقيقته الحرص على منع الخير».
(٥) بقية الآية : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ).