وقوله : (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ).
قال الفرّاء : «أن» فى موضع خفض ، على معنى : ويفتيكم فى أن تقوموا لليتامى بالقسط.
قال ابن عبّاس : يريد العدل فى مهورهنّ ، وفى مواريثهنّ.
(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) يريد : من حسن فيما أمرتكم به ، (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) : يجازيكم عليه ؛ لا يضيع لكم شيئا منه.
١٢٨ ـ قوله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ ..) الآية.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيرى ، حدّثنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشّافعىّ ، أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن الزّهرى ، عن ابن المسيّب :
أنّ ابنة (١) محمد بن مسلمة كانت عند ((٢) رافع بن خديج (٢)) ، فكره منها أمرا إمّا كبرا ، وإمّا غيره ، فأراد طلاقها ، فقالت : لا تطلّقنى وأمسكنى ، واقسم لى ما بدا لك ؛ فأنزل الله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ)(٣) : أى علمت (مِنْ بَعْلِها) :
زوجها (نُشُوزاً) : ترفّعا عليها لبغضها (أَوْ إِعْراضاً) عنها ؛ لموجدة أو أثرة (٤).
قال مقاتل : (نُشُوزاً) : عصيانا يعنى الأثرة ، وهو قول ابن عبّاس.
(أَوْ إِعْراضاً) عنها ؛ لما به من الميل إلى أخرى.
وقوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً).
جعل الله تعالى الصّلح جائزا بين الرّجل والمرأة إذا رضيت منه ؛ بإيثار غيرها عليها.
__________________
(١) لعلها أم عبد الحميد ، التى ترجم لها ابن حجر فى (الإصابة ٤ : ٤٥٣) ؛ وهو محمد بن مسلمة الأنصارى ، صحابى مشهور ، وهو أكبر من أسمه محمد من الصحابة ، مات بعد الأربعين ، وكان من الفضلاء : (تقريب التهذيب ٥٠٧ ت / ٦٣٠٠).
(٢ ـ ٢) ج : «رافع حديج» وهو خطأ ، والمثبت تصويب عن أ ، ب ، و (أسباب النزول للواحدى ١٧٨).
(٣) انظر (الأم للشافعى ٥ : ١٧١) و (السنن الكبرى للبيهقى ٧ : ٢٩٦) و (أسباب النزول للواحدى ١٧٨) و (أحكام القرآن للشافعى ١ : ٢٠٥) و (تفسير الطبرى ٩ : ٢٧٥) و (الدر المنثور ٢ : ٧١١) و (المستدرك ٢ : ٣٠٨ ، ٣٠٩) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٨١).
(٤) قال الحضرمى : الموجدة ، بفتح الميم ، وسكون الواو ، وكسر الجيم. الأثرة ، بفتح الهمزة والثاء المعجمة بثلاث ، والراء المهملة ؛ ويجوز ضم الهمزة وإسكان الثاء» (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ٩ / و). حاشية ج : «الأثرة : اسم من الاستيثار ؛ وهو أن يأخذ حق غيره ، ويختاره لنفسه ، ولا يعطيه حظه. والمراد هنا : إيثار ، أى اختيار غيرها عليها».