وقوله : (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ [فِي الْكِتابِ])
موضع «ما» رفع (١) ؛ لأنّ المعنى : الله يفتيكم والكتاب (٢) يفتيكم. يعنى آية الميراث فى أوّل هذه السّورة.
وقوله : (فِي يَتامَى النِّساءِ) يعنى : فى النّساء اليتامى ، فأضيفت الصّفة إلى الاسم (٣) ، كما تقول : كتاب الكامل ، ويوم الجمعة ، وهذا قول الكوفيّين (٤).
وعند البصريّين : لا يجوز إضافة الصّفة إلى الموصوف (٥) ؛ والمراد بالنّساء هاهنا : أمّهات اليتامى ، أضيف إليهنّ أولادهنّ اليتامى.
وقوله : (اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَ)
قال ابن عبّاس : يريد ما فرض لهنّ من الميراث.
(وَتَرْغَبُونَ) عن (أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) لدمامتهنّ (٦).
قالت عائشة : نزلت فى اليتيمة يرغب وليّها عن نكاحها ، ولا ينكحها فيعضلها (٧) طمعا فى ميراثها (٨) ، فنهى عن ذلك.
وقوله : (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) يعنى : الصّغار من الصّبيان.
قال ابن عباس : يريد أنهم لم يكونوا يورثون صغيرا من الغلمان ولا الجوارى.
وهو عطف على (يَتامَى النِّساءِ).
والمعنى : يفتيكم فى المستضعفين أن تعطوهم حقوقهم ؛ لأنّ ما يتلى عليكم فى باب اليتامى من قوله : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ)(٩) يدلّ على الفتيا فى إعطاء حقوق الصّغار من الميراث.
__________________
(١) حاشية ج : «عطف على ضمير المتكلم فى (يُفْتِيكُمْ)».
(٢) حاشية ج : «أى القرآن».
(٣) حاشية ج : «أى الموصوف».
(٤) حاشية ج : «إضافة الصفة إلى الموصوف».
(٥) نقل قولهما أبو حيان فى (البحر المحيط ٣ : ٣٦٢).
(٦) : أى لقبحهنّ. قال أبو عبيدة : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) هذا اللفظ يحتمل الرغبة والنفرة ؛ فالمعنى فى الرغبة : فى أن تنكحوهن لمالهنّ أو لجمالهنّ ؛ والنفرة : وترغبون عن أن تنكحوهنّ لقبحهنّ فتمسكوهنّ رغبة فى أموالهنّ. (البحر المحيط ٣ : ٣٦٢).
(٧) حاشية ج : «أى فيمنعها».
(٨) انظره مطولا فى (أسباب النزول للواحدى ١٢٦) و (الدر المنثور ٢ : ٧٠٨) و (تفسير الطبرى ٧ : ٥٣٩) و (الوجيز للواحدى ١ : ١٧٦).
(٩) سورة النساء : ٢.