١٠٦ ـ (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) قال السّدّىّ : ممّا أردت من الجدال عن طعمة.
وقال ابن عبّاس : من همّك بقطع اليهودىّ.
([إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً]).
١٠٧ ـ (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) :
أى يظلمون أنفسهم بالخيانة والسّرقة ، يعنى طعمة ومن عاونه من قومه ، وهم يعلمون أنّه سارق. و «الاختيان» كالخيانة. يقال : خانه واختانه. وذكرنا ذلك عند قوله : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ)(١)
ومعنى (يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) : يخونونها بالمعصية ، والعاصى خائن ؛ لأنّه مؤتمن على دينه.
وقد صرّحت الآية بالنّهى عن المجادلة عن الظّالمين. ألا ترى أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ جادل عن طعمة على غير بصيرة ، فعاتبه الله بهذا ، وأمره بالاستغفار ، ونهاه عن المعاودة (٢) إلى مثله ؛ فما ظنّك بمن يعلم ظلم الظّالم ، ثم يستجيز معاونته.
وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً) :
أى خائنا فاجرا ، وذلك أنّ طعمة خان فى الدّرع ، وأثم فى رميه اليهودىّ.
١٠٨ ـ قوله جلّ جلاله : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ)
«الاستخفاء» : الاستتار. يقال : استخفيت من فلان ؛ أى تواريت منه ؛ قال الله تعالى : (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ)(٣) : أى مستتر.
والمعنى : يستترون من النّاس ـ يعنى طعمة وقومه ـ ؛ كيلا يطّلعوا على كذبهم وخيانتهم ([وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ]) : ولا يستترون من الله (وَهُوَ مَعَهُمْ) : أى عالم بما يخفون وما يعلنون (إِذْ يُبَيِّتُونَ)(٤) : يهيّئون ويقدّرون (ما لا يَرْضى) : ما لا يرضاه الله (مِنَ الْقَوْلِ).
__________________
(١) سورة البقرة : ١٨٧.
(٢) حاشية ج : «المعاودة والعواد : العود إلى الأمر بعد التوجه إليه مرة أخرى».
(٣) سورة الرعد : ١٠.
(٤) حاشية ج : «التبييت : تدبير الفعل ليلا». قال الزجاج : كلّ ما فكّر فيه أو خيض فيه بليل فقد بيّت. (اللسان ـ مادة : بيت).