وسلّم ـ لذلك (١) النّاس ، فاشتكوا ما بهم من الجراحات ، فأنزل الله هذه الآية (٢).
وقوله : (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ).
و «الألم» : الوجع ؛ وقد ألم الرّجل يألم ألما فهو آلم.
وقال قتادة : إن كنتم تتوجّعون فإنّهم يتوجّعون كما تتوجّعون (٣) : أى إن ألمتم [من] جراحكم فهم أيضا فى مثل حالكم من ألم الجراح.
(وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ) من الأجر والثّواب والنّصرة (ما لا يَرْجُونَ) هم (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بخلقه (حَكِيماً) فيما حكم لأوليائه بالثّواب ، ولأعدائه من العقاب.
١٠٥ ـ قوله عزوجل : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ ..) الآية.
نزلت فى رجل يقال له طعمة بن أبيرق (٤) سرق درعا ، فاستودعها طعمة يهوديّا ، فوجدت عنده ، فقال : استودعنيها طعمة بن أبيرق ، فأنكر وقال : إنّما سرقها اليهودىّ. فاجتمع قوم طعمة وقوم اليهودىّ ، فانطلقوا إلى النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وكان هوى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مع طعمة ، فنزل قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ)(٥) : القرآن (بِالْحَقِ) لا بالتّعدّى فى الحكم (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) : بما علّمك الله (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً).
«الخصيم» : الّذى يخاصمك : أى لا تكن مخاصما ، ولا دافعا.
عن خائن يعنى طعمة وقومه.
__________________
(١) حاشية ج : «لأجل السير فى آثارهم».
(٢) انظر (تفسير القرطبى ٥ : ٣٧٤) و (البحر المحيط ٣ : ٣٤٢).
(٣) (الدر المنثور ٢ : ٦٦٩) وانظر (تفسير القرطبى ٥ : ٣٧٤).
(٤) طعمة بن أبيرق : بضم الطاء وسكون العين المهملة ، وأبيرق ، بهمزة مضمومة بعدها باء معجمه بواحدة من تحت مفتوحة ، وبعدها ياء معجمة بنقطتين من تحت ، وراء مهملة وقاف تصغير أبرق» (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ٩ / و).
(٥) حاشية ج : «أو سأل قوم طعمة النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يجادل عن صاحبهم ويبرئه ، وقالوا : إن لم تفعل أفتضح صاحبنا ، وبرىء اليهودى ، فهم النبى ـ صلىاللهعليهوسلم أن يفعل ، فنزلت الآية». انظر (أسباب النزول للواحدى ١٧٢ ، ١٧٣) و (الدر المنثور ٢ : ٦٧٢ ، ٦٧٣ ، ٦٧٤) و (المستدرك ٤ : ٣٨٥ ـ ٣٨٨) و (تفسير الطبرى ٩ : ١٧٦ ، ١٨٣) و (تفسير الفخر الرازى ٣ : ٣٠٧) و (تفسير القرطبى ٥ : ٣٧٥) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٥٨ ـ ٣٦٠) و (البحر المحيط ٣ : ٣٤٣) و (صحيح الترمذى ـ أبواب التفسير ، ومن سورة النساء ١١ : ١٦٤ ـ ١٦٨).