أخبرنا ((١) أبو بكر ، حدّثنا (١)) عبد الله ، حدّثنا محمد بن حمزة ، حدّثنا أحمد بن الخليل ، حدّثنا الأصمعىّ قال :
جاء عمرو بن عبيد إلى أبى عمرو بن العلاء فقال : يا أبا عمرو ، أيخلف الله ما وعد؟ قال : لا. (قال) (٢) : أفرأيت من أوعده الله على عمل عقابا أيخلف الله وعده فيه؟ فقال أبو عمرو بن العلاء : من العجمة أوتيت (٣) يا أبا عثمان (٤) ؛ إنّ الوعد غير الوعيد ، إنّ العرب لا تعدّ عارا ولا خلفا أن تعد شرّا ثم لا تفعله ، ترى ذلك ((٥) فضلا وكرما (٥)) ، وإنّما الخلف أن تعد خيرا ثم لا تفعله. قال :
(فأوجدنى) (٦) هذا فى العرب قال : نعم. أما سمعت قول الأول :
وإنّى وإن أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادى ومنجز موعدى (٧). |
والذى ذكره أبو عمرو بن العلاء مذهب الكرام ، ومستحسن عند كلّ أحد خلف الوعيد ؛ قال السّرى الموصلىّ :
إذا وعد السّرّاء أنجز وعده |
|
وإن وعد الضّرّاء فالعفو مانعه (٨). |
وأحسن يحيى بن معاذ فى هذا الفصل حيث قال : الوعد والوعيد حقّ ، فالوعد حقّ العباد على الله ضمن لهم إذا فعلوا كذا أن يعطيهم كذا ، ومن أولى بالوفاء من الله تعالى؟
والوعيد حقّه على العباد ، قال : لا تفعلوا كذا فأعذّبكم ، ففعلوا ، فإن شاء عفا ، وإن شاء أخذ ؛ لأنّه حقّه ، وأولاهما بربّنا ((٩) العفو والكرم (٩)) إنّه غفور رحيم.
__________________
(١ ـ ١) الإثبات عن ج.
(٢) الإثبات عن أ ، ج.
(٣) ب : «أتيت». حاشية ج : «يعنى أنت أعجمى لا تعرف كلام العرب».
(٤) حاشية ج : «كنيته ، واسمه عمرو بن عبيد».
(٥ ـ ٥) الإثبات عن ج.
(٦) ب : «وأخبرنى».
(٧) (اللسان ، والتاج ـ مادة : وعد) وروى الشطر الثانى فيهما : «لا خلف إيعادى وأنجز موعدى» ، وعزى لعامر بن الطفيل ، وهو فى (ديوانه / ٥٨) برواية اللسان والتاج ، وجاء معنى قول الأصمعى ، وهذا البيت فى (غريب الحديث للخطابى ٢ : ٢٥٧) برواية : «ليكذب إيعادى ويصدق موعدى» ، وفى (تفسير القرطبى ٥ : ٣٣٤) برواية : «وإنى متى أوعدته ..».
(٨) هذا البيت لم أجده فى المراجع والدواوين التى تحت يدى.
(٩ ـ ٩) ب : «الكرم والعفو».