عليه وسلّم ـ مقيسا ومعه زهير بن عياض الفهرىّ ـ وكان من المهاجرين من أهل بدر ـ إلى بنى النّجّار ؛ ليدفعوا إلى مقيس قاتل أخيه إن علموه ، أو يجمعوا له دية أخيه إن لم يعلموا القاتل ، فجمعوا لمقيس دية أخيه ، فلمّا صارت إليه الدّية وثب على زهير فقتله ، وارتدّ إلى الشّرك ، وقال فى ذلك أبياتا منها :
فأدركت ثأرى واضطجعت موسّدا |
|
وكنت إلى الأوثان أوّل راجع (١) |
وقوله : (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ..)(٢) إلى آخر الآية.
وعيد شديد لمن قتل مؤمنا متعمّدا ، حرّم الله به ((٣) قتل المؤمن (٣)) ، وحظر به سفك دمه.
وقد وردت فى قتل المؤمن أخبار شداد.
أخبرنا أبو بكر الحارثىّ ، أخبرنا أبو الشّيخ الحافظ ، حدّثنا عبد الرحمن بن محمد الرّازىّ ، حدّثنا سهل بن عثمان العسكرىّ ، حدّثنا عبيدة ، عن عمّار الدّهنى (٤) ، عن سالم بن أبى الجعد قال :
كنت عند ابن عبّاس ، فسأله رجل ، فقال : رجل قتل مؤمنا متعمّدا (٥) فقال ابن عبّاس : (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) إلى آخر الآية. قال : فإن تاب وآمن وعمل صالحا. فقال ابن عبّاس : وأنّى له التّوبة ؛ وقد سمعت نبيّكم ـ صلىاللهعليهوسلم يقول : «ويح (٦) قاتل المؤمن ، يجىء يوم القيامة حاملا رأسه بيمينه ـ أو بيساره ـ وفى يده (الأخرى) (٧) قاتله ، يقول : ربّ هذا قتلنى ، فو الّذى
__________________
(١) البيت فى (سيرة ابن هشام ٣ : ٣٠٦) و (الدر المنثور ٢ : ٦٢٣) و (أسباب النزول للواحدى ١٦٤) وقبله :
قتلت به فهرا وحملت عقله |
|
سراة بنى النجار أرباب فارع |
وهو فى (تفسير القرطبى ٥ : ٣٣٣) و (البحر المحيط ٣ : ٣٢٦) برواية :
حللت به وترى وأدركت ثورتى |
|
وكنت إلى الأوثان أول راجع |
وبعده : فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لا أؤمنه فى حل ولا فى حرم». وأمر بقتله يوم فتح مكة وهو متعلق بالكعبة.
(٢) تمام الآية : (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً).
(٣ ـ ٣) أ ، ب : «قتله».
(٤) ب : «الذهبى» «تحريف» ، قال الحضرمى : «عمار الدّهنىّ : بدال مهملة مضمومة ، وبعد الهاء الساكنة نون مكسورة ، وياء نسبة ذكره ابن ماكولا» (عمدة القوى والضعيف الورقة ٨ / ظ) وهو عمار بن معاوية الدّهنى ..» .. أبو معاوية البجلى ، الكوفى ، صدوق ، يتشيع ، من الخامسة ، مات سنة ثلاث وثلاثون» (تقريب التهذيب ٤٠٨ ت / ٤٨٣٣).
(٥) حاشية ج : «أى سأل رجل عن هذه المسألة ؛ وهى رجل قتل مؤمنا متعمدا ما حكمه؟».
(٦) حاشية ج : «ويح : كلمة رحمة. تقول : ويح لزيد ، ترفع على الابتداء ، ولك أن تقول : ويحا ، فمنصوب بإضمار فعل ، كأنك قلت : ألزمه الله ويحا ، هذا على تقدير عدم الإضافة ، ويجوز أن تقول : ويح زيد ، بالإضافة ، فمنصوب أيضا بإضمار فعل ، كما مر ، والله أعلم».
(٧) الإثبات عن ج.