(فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) : أى اعتزلوا قتالكم (فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) : أى المقادة (١) والاستسلام (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً). فى قتالهم وسفك دمائهم.
٩١ ـ (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ ...) الآية.
قال ابن عباس : هم بنو عبد الدّار /. وقال الكلبىّ : هم أسد وغطفان (٢).
وقال الحسن : هم قوم من المنافقين كانوا يظهرون الإسلام ليأمنوا المسلمين ، ويظهرون لقومهم الموافقة لهم ليأمنوهم (٣).
وهو قوله : (يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) أطلع الله نبيّه على نفاقهم.
(كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها)(٤) : كلّما ردّوا إلى الشّرك دخلوا فيه (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) : لم يتركوا قتالكم (وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ) ولم ينقادوا لكم بعهد أو صلح ، ولم يقبضوا أيديهم عن قتالكم ، (فَخُذُوهُمْ) بالأسر (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) : أى وجدتموهم (وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) : حجّة بيّنة فى قتلهم ؛ لأنّه ليس لهم عهد ولا ميثاق.
٩٢ ـ قوله جلّ جلاله : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً)
نزلت فى عيّاش بن أبى ربيعة ـ حين قتل الحارث بن يزيد (٥) ظنّه كافرا ، ولم يشعر بإسلامه فقتله.
قال قتادة : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) : أى وما كان له ذلك فيما أتاه من ربّه ، وأمره به.
وقوله : (إِلَّا خَطَأً).
جميع أهل النّحو والمعانى : على أنّ هذا استثناء منقطع من الأوّل ، على معنى :
__________________
(١) حاشية ج : «مصدر ميمى بمعنى الانقياد». انظر (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ١٣٤) و (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ١٣٦).
(٢) وكذا مقاتل ، انظر (البحر المحيط لأبى حيان ٣ : ٣١٨).
(٣) (تفسير الطبرى ٩ : ٢٦) و (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ٣٤) دون عزو ، ومنسوب فى (البحر المحيط لأبى حيان ٣ : ٣١٩).
(٤) حاشية ج ، و (تفسير القرطبى ٥ : ٣١١): «أى كلما دعوا إلى الشرك رجعوا وعادوا إليه».
(٥) ج : «زيد» وهو خطأ ، والمثبت عن أ ، ب. انظر شرح الكلبى لهذه القصة فى (أسباب النزول للواحدى ١٦٢ ـ ١٦٣) و (الدر المنثور ٢ : ٦١٥) و (تفسير الطبرى ٩ : ٣٣) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٢٩) و (تفسير القرطبى ٥ : ٥١٣) و (البحر المحيط ٣ : ٣١٩ ـ ٣٢٠) و (الفخر الرازى ٣ : ٣٨٤).