٩٠ ـ قوله جلّ وعزّ : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ ..) الآية
هذا الاستثناء راجع إلى القتل ، لا إلى الموالاة ؛ لأنّ موالاة المشركين والمنافقين حرام بكلّ حال.
ومعنى (يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ) : يتّصلون بهم ، ويدخلون فيما بينهم بالحلف والجوار.
قال ابن عبّاس : يريد : يلجئون إلى قوم (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ)(١) : وهم بنو مدلج فى قول الحسن (٢). وقال الضّحّاك : بنو بكر بن زيد بن مناة (٣).
وقال مقاتل : هم خزاعة وخزيمة بن عبد مناف (٤).
وقوله : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ).
معنى (حَصِرَتْ) : ضاقت. وكلّ من ضاق صدره بأمر فقد حصر.
وهؤلاء الذين وصفوا بضيق الصّدر عن القتال هم بنو مدلج ـ كان بينهم وبين رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عهد ألّا يقاتلوه.
نهى الله تعالى عن قتل هؤلاء المرتدّين إن اتّصلوا بأهل عهد للمسلمين ؛ إمّا بحلف أو بجوار ؛ لأنّ من انضمّ إلى قوم ذوى عهد مع النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ، فلهم مثل حكمهم فى حقن الدّم والمال.
وقوله : (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ).
((٥) كان بنو مدلج قد عاهدوا ألّا يقاتلوا المسلمين ، وعاهدوا قريشا ألّا يقاتلوهم أيضا ؛ فهو قوله (٥)) : (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) يعنى قريشا.
ثم منّ الله تعالى على المسلمين بكفّ بأس المعاهدين فقال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ).
يعنى : إنّ ضيق صدورهم عن قتالكم إنّما هو لقذف الله الرّعب فى قلوبهم
__________________
(١) قال ابن قتيبة : أى عهد (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ١٣٣) وقال أبو عبيدة : يقول : فإذا كانوا من أولئك القوم الذين بينكم وبينهم ميثاق فلا تقتلوهم : (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ١٣٦).
(٢) كما فى (تفسير القرطبى ٥ : ٣٠٩) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٢٧) و (الدر المنثور ٢ : ٦١٣).
(٣) هذا قول الضحاك عن ابن عباس (تفسير البحر المحيط ٣ : ٣١٥) و (تفسير القرطبى ٥ : ٣٠٩).
(٤) انظر (البحر المحيط ٣ : ٣١٥) و (تفسير الطبرى ٩ : ٢٠).
(٥) (٥ ـ ٥) الإثبات عن أ ، ج.