ومعنى الآية : فما لكم مختلفين فى هؤلاء المنافقين؟ (وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا) : أى ردّهم إلى الكفر.
يقال : ركست الشّىء. ((١) وأركسته (١)) لغتان ؛ إذا رددته ، وقلبت آخره على أوّله.
قال الزّجّاج : تأويل (أَرْكَسَهُمْ) : نكّسهم وردّهم إلى حكم الكفّار (٢) ؛ من الذّلّ والصّغار والسّبى والقتل (بِما كَسَبُوا) : بما أظهروا من الارتداد (٣) وقوله : (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ).
قال ابن عبّاس : ترشدوا من لم يرشده الله : أى أتقولون هؤلاء مهتدون ، والله قد أضلّهم؟
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً).
: أى طريقا إلى الحجّة.
٨٩ ـ قوله جلّ جلاله : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا).
: أى أنّهم يودّون لكم الكفر كما فعلوا هم (فَتَكُونُونَ)(٤) أنتم وهم (سَواءً) فى الكفر (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) : أى ((٥) لا توالوهم (٥)) فإنّهم أعداء لكم (حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) : حتّى يرجعوا إلى النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، ودار الهجرة ثانيا.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) : أعرضوا عن الهجرة ، وقبول حكم الإسلام (فَخُذُوهُمْ) بالأسر ، (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).
قال ابن عبّاس : لا تتولّوهم ، ولا تستنصروا بهم على عدوّكم (٦).
__________________
(١) أ ، ب : «أركسه» والمثبت عن ج ، و (اللسان ـ مادة : ركس).
(٢) (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ١٣٦) و (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ١٣٣) ونقله صاحب (اللسان ـ مادة : نكس) عن الفراء ، وهو قول ابن عباس ، واختاره الفراء والزجاج ، كما فى (البحر المحيط ٣ : ٣١٣).
(٣) حاشية ج : «أى بعد ما كانوا على النفاق».
(٤) حاشية ج : «قوله : (فَتَكُونُونَ) لم يرد به جواب التمنى ؛ لأن جوابه بالفاء منصوب ؛ إنما أراد النسق ؛ أى ودوا لو تكفرون وودوا لو يكونون سواء ، مثل قوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) : أى ودّوا لو تدهنوا وودوا لو يدهنون».
(٥ ـ ٥) أ ، ب : «توالوهم».
(٦) انظر (الوجيز للواحدى ١ : ١٦٥) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٢٧).